بسم الله الرحمن الرحيم
لا تعارض اصلا ما بين نص الماده الثانيه و الدوله المدنيه
علاقة المادة الثانية بالمفهوم الكهنوتى للدولة الدينية
بخصوص ما أثير حول أن النص يؤصل للدولة الدينية في مصر، فإنه إذا كان المقصود بذلك أنه يؤدي إلى قيام دولة على النسق الغربي في العصور الوسطى أي دولة كهنوتية يتحكم فيها رجال الدين باعتبارهم واسطة بين الناس ورب الناس، فإنه كما هو معلوم بالضرورة "لا كهنوت في الإسلام"، ومن يدعي أنه وسيط بين الله سبحانه وتعالى فإنه يخالف أصلاً من أصول العقيدة الإسلامية، وهو "التوحيد".
وأما إذا أريد به أنها قد تمثل غطاءً لاستبداد تيار سياسي معين في حكم الدولة استنادًا إلى الدين دون رقيب أو حسيب، فإن هذا تخوف مشروع يتعين أن يكون لدى المسلم وغير المسلم على السواء، لأن الاستبداد مدمر للجميع أيًّا كان سنده، غير أن هناك أمرين يمكن أن يحولا دون حدوث ذلك وهما: أن الحلال في الإسلام بيِّن والحرام بيِّن، والعلم به متاح للجميع وتقتصر مهمة الحكام على تنفيذ تلك الأحكام تحت رقابة المجتمع الذي أثبتت الثورة مدى نضجه وحنكته.
والأمر الثاني أن تعود عملية الاجتهاد في الإسلام مستقلة عن الدولة كما كانت على مدى التاريخ الإسلامي، فكان يقوم به علماء مختصون بذلك مستقلون عضويًّا وفكريًّا عن السلطة الحاكمة في الدولة، ويستمدون شرعيتهم من ثقة الشعب في علمهم وإخلاصهم، غير أنه حين نشأت الدولة الحديثة في مصر في عهد "محمد علي" تغلغلت في كل شئون الحياة حتى هيمنت بالكامل على التشريع، وزاد الأمر سوءًا أن وقعت هذه الدولة في تحالف مع الاستعمار الغربي قام بإقصاء الشريعة الإسلامية عن المرجعية التشريعية في مصر عدا قوانين الأحوال الشخصية، وأفضل من يقوم بذلك الآن هو مؤسسة الأزهر على أن تستكمل استقلالها عن الدولة، وأن يتم تمويلها عن طريق الأوقاف الأهلية كما كان الوضع قبل "محمد علي" وأن يكون شيخ الأزهر منتخبًا من علمائه، وهذا سيسهم بالتأكيد في حرمان أي تيار سياسي من استغلال الدين لتحقيق مآرب سياسية فانية.
المادة الثانية والأقباط
أما عن الموضوع الأكثر إلحاحًا وهو المتعلق بالمسيحيين فإن المادة الثانية لا تمسهم بشيء سوى بتقرير أمر يستند إلى الواقع التاريخي الذي لا يمكن التشكيك فيه وهو أنهم ينتمون إلى الحضارة الإسلامية العربية، أو بتعبير السيد مكرم عبيد هم "مسيحيون ديانة مسلمون وطنًا" فهو بالنسبة لهم يتعلق بهويتهم الثقافية، وليس بديانتهم، أو شريعتهم، والتي يقر الإسلام بحقهم في أن يحتكموا إليها مع مراعاة النظام العام في الدولة، ولا إشكال حقيقيًّا يمكن أن يعانونه في ظل وجود المادة الثانية، لاعتبارين أحدهما شرعي والآخر دستوري.
أما الأول: فإن المادة الثانية تتحدث عن مبادئ الشريعة والتي من ضمنها أنه "لا إكراه في الدين"، وأن لغير المسلمين من أهل الكتاب ما للمسلمين وعليهم ما عليهم، وأن الأصل في معاملتهم البر والقسط وهذه من المبادئ الحاكمة للعلاقة بين المسلمين وغيرهم من أهل الكتاب في الدولة المسلمة.
والثاني: أن الدستور نفسه ينص في المادة 40 منه أن "المواطنون لدى القانون سواء وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة"، وهذا نص شامل للمواطنين المصريين جميعًا، وبما أن نصوص الدستور وفقًا لأحكام المحكمة الدستورية العليا لا تتنافر أو تتناقض، فإن نص المادة الثانية يتم تفسيره بصورة لا تتناقض مع المادة 40 من الدستور، ومن ثم لا يترتب على نص المادة الثانية حرمان أي مسيحي من تولي أي وظيفة في الدولة سوى الوظائف ذات الطبيعة الدينية الخاصة، فليس لقسيس- مثلاً- أن يتولى منصب شيخ الأزهر، أو لمسلم أن يكون بابا للأرثوذكس.
وإذا كان الواقع فيه بعض التناقض مع ذلك، بأنه لا يوجد مسيحي يتولى بعض المناصب العليا في الدولة، كقيادة الجيش، أو رئاسة الدولة، أو رئاسة الوزراء، فإن ذلك لا علاقة له بنص المادة الثانية بل يتعلق بأمور أخرى، مثل كون المسيحيين أقلية (عددية) في البلاد والمسلمين أغلبية، والقاعدة هي "حكم الأغلبية وحقوق الأقلية"، وكذلك كون الثقافة الاجتماعية السائدة لا تسيغ تولي غير المسلم بعض الوظائف الحساسة، وهذا أمر تتم معالجته بالعمل الدؤوب لنشر ثقافة المساواة الكاملة بين المواطنين وعدم تصنيف الناس على أساس دياناتهم إلا فيما يتعلق بالوظائف الدينية بطبيعتها كما سلف، بجانب العمل على اعتماد المؤسسية الكاملة في كافة الوظائف بما يمنع من هيمنة انفراد شخص واحد بالقرار في الدولة، الأمر الذي يخفف من الاعتراض على تولي شخص مثل هذه المناصب أيًّا كانت ديانته أو مذهبه.
أما عن الخشية من تسبب المادة الثانية في الاعتداء على الحقوق والحريات العامة للمواطنين باسم الدين، فإن هذا الأمر مردود عليه بأن الفهم الحقيقي للمادة الثانية يجعل المناداة بتفعيلها هدفًا لجميع المواطنين ومنظمات المجتمع المدني باعتبارها تجعل من حقوق الناس "فروضًا" يتعين على الجميع السعي المشروع للحصول عليها، وهذا أمر تتفوق فيه الشريعة الإسلامية على المواثيق الدولية التي ينادي البعض بتحكميها عوضًا عن مبادئ الشريعة الإسلامية، والتي تجعل كذلك من الحرية مناطًا للمسئولية وترفع التكليف عمن لا يتمتع بها، وتجعلها هي الأصل "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا".
لا تعارض اصلا ما بين نص الماده الثانيه و الدوله المدنيه
علاقة المادة الثانية بالمفهوم الكهنوتى للدولة الدينية
بخصوص ما أثير حول أن النص يؤصل للدولة الدينية في مصر، فإنه إذا كان المقصود بذلك أنه يؤدي إلى قيام دولة على النسق الغربي في العصور الوسطى أي دولة كهنوتية يتحكم فيها رجال الدين باعتبارهم واسطة بين الناس ورب الناس، فإنه كما هو معلوم بالضرورة "لا كهنوت في الإسلام"، ومن يدعي أنه وسيط بين الله سبحانه وتعالى فإنه يخالف أصلاً من أصول العقيدة الإسلامية، وهو "التوحيد".
وأما إذا أريد به أنها قد تمثل غطاءً لاستبداد تيار سياسي معين في حكم الدولة استنادًا إلى الدين دون رقيب أو حسيب، فإن هذا تخوف مشروع يتعين أن يكون لدى المسلم وغير المسلم على السواء، لأن الاستبداد مدمر للجميع أيًّا كان سنده، غير أن هناك أمرين يمكن أن يحولا دون حدوث ذلك وهما: أن الحلال في الإسلام بيِّن والحرام بيِّن، والعلم به متاح للجميع وتقتصر مهمة الحكام على تنفيذ تلك الأحكام تحت رقابة المجتمع الذي أثبتت الثورة مدى نضجه وحنكته.
والأمر الثاني أن تعود عملية الاجتهاد في الإسلام مستقلة عن الدولة كما كانت على مدى التاريخ الإسلامي، فكان يقوم به علماء مختصون بذلك مستقلون عضويًّا وفكريًّا عن السلطة الحاكمة في الدولة، ويستمدون شرعيتهم من ثقة الشعب في علمهم وإخلاصهم، غير أنه حين نشأت الدولة الحديثة في مصر في عهد "محمد علي" تغلغلت في كل شئون الحياة حتى هيمنت بالكامل على التشريع، وزاد الأمر سوءًا أن وقعت هذه الدولة في تحالف مع الاستعمار الغربي قام بإقصاء الشريعة الإسلامية عن المرجعية التشريعية في مصر عدا قوانين الأحوال الشخصية، وأفضل من يقوم بذلك الآن هو مؤسسة الأزهر على أن تستكمل استقلالها عن الدولة، وأن يتم تمويلها عن طريق الأوقاف الأهلية كما كان الوضع قبل "محمد علي" وأن يكون شيخ الأزهر منتخبًا من علمائه، وهذا سيسهم بالتأكيد في حرمان أي تيار سياسي من استغلال الدين لتحقيق مآرب سياسية فانية.
المادة الثانية والأقباط
أما عن الموضوع الأكثر إلحاحًا وهو المتعلق بالمسيحيين فإن المادة الثانية لا تمسهم بشيء سوى بتقرير أمر يستند إلى الواقع التاريخي الذي لا يمكن التشكيك فيه وهو أنهم ينتمون إلى الحضارة الإسلامية العربية، أو بتعبير السيد مكرم عبيد هم "مسيحيون ديانة مسلمون وطنًا" فهو بالنسبة لهم يتعلق بهويتهم الثقافية، وليس بديانتهم، أو شريعتهم، والتي يقر الإسلام بحقهم في أن يحتكموا إليها مع مراعاة النظام العام في الدولة، ولا إشكال حقيقيًّا يمكن أن يعانونه في ظل وجود المادة الثانية، لاعتبارين أحدهما شرعي والآخر دستوري.
أما الأول: فإن المادة الثانية تتحدث عن مبادئ الشريعة والتي من ضمنها أنه "لا إكراه في الدين"، وأن لغير المسلمين من أهل الكتاب ما للمسلمين وعليهم ما عليهم، وأن الأصل في معاملتهم البر والقسط وهذه من المبادئ الحاكمة للعلاقة بين المسلمين وغيرهم من أهل الكتاب في الدولة المسلمة.
والثاني: أن الدستور نفسه ينص في المادة 40 منه أن "المواطنون لدى القانون سواء وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة"، وهذا نص شامل للمواطنين المصريين جميعًا، وبما أن نصوص الدستور وفقًا لأحكام المحكمة الدستورية العليا لا تتنافر أو تتناقض، فإن نص المادة الثانية يتم تفسيره بصورة لا تتناقض مع المادة 40 من الدستور، ومن ثم لا يترتب على نص المادة الثانية حرمان أي مسيحي من تولي أي وظيفة في الدولة سوى الوظائف ذات الطبيعة الدينية الخاصة، فليس لقسيس- مثلاً- أن يتولى منصب شيخ الأزهر، أو لمسلم أن يكون بابا للأرثوذكس.
وإذا كان الواقع فيه بعض التناقض مع ذلك، بأنه لا يوجد مسيحي يتولى بعض المناصب العليا في الدولة، كقيادة الجيش، أو رئاسة الدولة، أو رئاسة الوزراء، فإن ذلك لا علاقة له بنص المادة الثانية بل يتعلق بأمور أخرى، مثل كون المسيحيين أقلية (عددية) في البلاد والمسلمين أغلبية، والقاعدة هي "حكم الأغلبية وحقوق الأقلية"، وكذلك كون الثقافة الاجتماعية السائدة لا تسيغ تولي غير المسلم بعض الوظائف الحساسة، وهذا أمر تتم معالجته بالعمل الدؤوب لنشر ثقافة المساواة الكاملة بين المواطنين وعدم تصنيف الناس على أساس دياناتهم إلا فيما يتعلق بالوظائف الدينية بطبيعتها كما سلف، بجانب العمل على اعتماد المؤسسية الكاملة في كافة الوظائف بما يمنع من هيمنة انفراد شخص واحد بالقرار في الدولة، الأمر الذي يخفف من الاعتراض على تولي شخص مثل هذه المناصب أيًّا كانت ديانته أو مذهبه.
أما عن الخشية من تسبب المادة الثانية في الاعتداء على الحقوق والحريات العامة للمواطنين باسم الدين، فإن هذا الأمر مردود عليه بأن الفهم الحقيقي للمادة الثانية يجعل المناداة بتفعيلها هدفًا لجميع المواطنين ومنظمات المجتمع المدني باعتبارها تجعل من حقوق الناس "فروضًا" يتعين على الجميع السعي المشروع للحصول عليها، وهذا أمر تتفوق فيه الشريعة الإسلامية على المواثيق الدولية التي ينادي البعض بتحكميها عوضًا عن مبادئ الشريعة الإسلامية، والتي تجعل كذلك من الحرية مناطًا للمسئولية وترفع التكليف عمن لا يتمتع بها، وتجعلها هي الأصل "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا".
الخميس 4 مارس 2021 - 1:37 من طرف ahmedsdream
» تحميل ابحاث قانونية متنوعة
الأربعاء 30 يناير 2019 - 4:28 من طرف جميل0
» حمل موسوعة أحكام المحكمة الإدارية العُليا حصريا
الأربعاء 30 يناير 2019 - 4:24 من طرف جميل0
» موسوعة فتاوى الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بمجلس الدولة .. الجزء الاول
الجمعة 11 يناير 2019 - 8:11 من طرف jvmj12
» البرنامج التدريبي نوفمبر – ديسمبر 2017
الإثنين 23 أكتوبر 2017 - 19:22 من طرف يوسف بختان
» حمل كتاب الشرح الوافى العملى لدعوى رصيد الاجازات
الجمعة 13 يناير 2017 - 1:17 من طرف leaderman
» الوجيز فى القانون الادارى
الخميس 15 ديسمبر 2016 - 15:31 من طرف احمد العزب حجر
» كاميرات مراقبة
الأربعاء 10 أغسطس 2016 - 18:12 من طرف كاميرات مراقبة
» افضل اسعار كاميرات مراقبة فى مصر
الأربعاء 10 أغسطس 2016 - 18:10 من طرف كاميرات مراقبة