غزل اوروبي لمصر
بعد الثورة
«أمريكا- أوروبا».. سايكس بيكو جديد فى الشرق الأوسطبعد
سقوط حائط برلين فى ٩ نوفمبر ١٩٨٩، وانهيار الاتحاد السوفيتى وتفكك الكتلة
الشرقية فى العامين التاليين، طفا إلى السطح مجددا الحلم الذى طالما دغدغ
مشاعر الآباء المؤسسين لأوروبا، وهو أن تلعب «أوروبا العظمى» أو «أوروبا-
الاتحاد الموسع» دورا رائدا فى النظام الدولى، كأن تحتل المكانة التى كان
يحتلها الاتحاد السوفيتى، كقوة ثانية مواجهة للقوة الأمريكية.. وانطلقت هذه
الرؤية الأوروبية من حقيقة ترفضها «بل تكرهها أوروبا» كراهية شديدة وهى أن
يؤول أمر العالم إلى الولايات المتحدة وحدها.الكاتب الصحفى د. سعيد
اللاوندى مؤلف الكتاب قال: يبدو أن أوروبا قد أسرفت «أو استغرقت» فى
تفاصيل هذا الحلم الطوباوى، فظنت نفسها بالفعل القوة الأخرى «عالميا»،
خصوصا بعد أن حقق «اليورو» الذى انطلق فى أول يناير ١٩٩٩ بعض النجاح الذى
ارتعدت له فرائص الدولار فى البورصات والأسواق العالمية.وفى هذه
الفترة تحديدا أطلق وزير خارجية فرنسا وقتئذ دومنيك دوفيلبان أكثر من تصريح
رنان يقول فيه: «خير للعالم أن يسير على قدمين من أن يسير على قدم واحد»
فى إشارة إلى رغبة أوروبا أن تكون شريكا فى القرار الدولى الذى بات فى حكم
المسلم به أن الولايات المتحدة هى التى تضطلع به منذ زوال «ملكوت» الاتحاد
السوفيتى السابق.ولعل الرئيس شيراك كان الأعلى صوتا بين قادة أوروبا
عندما تحدث إلى صحيفة أمريكية قائلا: إنه من غير المقبول أو المعقول أن
تظل أمريكا هى صاحبة القرار فى العالم بينما لا يزيد دور أوروبا عن مجرد
دفع فواتير الحساب.وهكذا كان واضحا فى أوروبا التى تسير بخطى سريعة
باتجاه توسيع الاتحاد الأوروبى، والتطلع إلى تحقيق سياسة خارجية وأمنية
وأوروبية موحدة «تطمح»، «فعلا لا قولا» إلى أن تكون من أخص خصوصياتها،
وبالتالى فلا مجال لأوروبا، أو ولاية أخرى فى العالم.ومن قبيل وضع
العصا فى عجلة الاتحاد الأوروبى ورغبة من جانب أمريكا فى تبديد هذا الحلم
الأوروبى المتطلع إلى المشاركة فى قيادة العالم، لجأت واشنطن إلى فرملة
الفرس الآخر الذى يشارك فرنسا فى جر قاطرة الحلم الأوروبى وهو هنا ألمانيا،
فأظهرت فى أكثر من مناسبة «الجزرة الطازجة» لإغراء القادة الألمان
للارتماء فى أحضان واشنطن، فتحدثت عن إمكانية إشراك ألمانيا فى قيادة حلف
الناتو، ولوحت بترجيح كفة ألمانيا عضوا دائما فى مجلس الأمن عند الحديث عن
إصلاح الأمم المتحدة.. بل وتحدثت أيضا عن إفساح المجال أمام ألمانيا
للاشتراك فى منظومة الأقمار الصناعية الأمريكية مقابل ألا تتحمس ألمانيا
لإطلاق منظومة الأقمار الصناعية الأوروبية، وأن تقلل من حصتها المالية فى
دعم هياكل وآليات الاتحاد الأوروبى.. بكلمة أخرى كان المخطط الأمريكى
الثابت فى هذه المرحلة هو فصم عرى الثنائى «الفرنسى - الألمانى» بوصفه
الموتور المحرك للجسد الأوروبى كله.وكان طبيعياً أن تظهر ملامح هذا
الصراع الأمريكى- الأوروبى فى هذه المرحلة الفاصلة من النظام الدولى،
فالولايات المتحدة ترى أنها سيدة العالم بلا منازع، وتحدث أركان حكمها فى
ذلك الوقت عن فضل أمريكا على أوروبا، فهى التى حررتها من طاعونين: الأول
طاعون النازية، والثانى طاعون الشيوعية، ثم هى التى أقالتها من عثرتها
الاقتصادية بعد الحرب العالمية بإقامة مشروع مارشال الشهير، وكان السؤال
الذى ينطوى على كثير من الاستهجان هو التالى: أبعد كل هذا يمكن أن تبدى
أوروبا التمرد والعصيان؟!فى الواقع ظل الدفع الأوروبى المتبع بأحلام
القوة والريادة يتواصل غير عابئ بزئير الأسد الأمريكى، ورغبت أوروبا فى أن
تلعب دورا فى عملية السلام فى الشرق الأوسط فقوبلت بالصدود الأمريكى، ولم
تشأ إسرائيل أن تضم مكانا فى مقعد الشريك لأوروبا، وأكدت ذلك بريطانيا التى
رأت أن الولايات المتحدة وحدها هى راعية السلام، ولا مجال للحديث عن شريك
أوروبى «أو غير أوروبى» بل تحدث بريجينسكى مستشار الأمن القومى الأمريكى
الأسبق عن ضرورة انصياع أوروبا- لأمريكا، ولا داعى لأن تتنكر للأيادى
البيضاء التى غمرتها بعطاياها، مشيرا إلى أنه قد يتوجب على أوروبا أن تدفع
ما سماه «الجزية» للولايات المتحدة.وأما الخطى الثابتة التى حققتها
مسيرة الوحدة الأوروبية بقيادة الثنائى «الفرنسى- الألمانى» فقد زادت درجة
الاحتقان نسبيا حتى وقعت أحداث ١١ سبتمبر ٢٠٠١ الإرهابية وفوجئنا بصحيفة
لوموند الفرنسية تنشر مقالة على صفحتها الأولى بعنوان «نحن جميعا أمريكيون»
(Tous Americains Nous sommes)، وتؤكد أن المستهدف من هذه الاعتداءات ليس
فقط أمريكا وإنما أوروبا وكل العرب دون تفرقة أو تمييز.ثم يتاح
للعلاقات الأمريكية - الأوروبية، فى أعقاب ذلك أن تشهد درجة من درجات
الالتئام بعد أن أصبح خطر الإرهاب يحدق بالجميع، ولقد برعت الولايات
المتحدة فى استخدام «فزاعة القاعدة وأسامة بن لادن» وفعلت المادة الخامسة
من حلف الناتو التى تقول: إن أى اعتداء على دولة عضو بالحلف يعتبر اعتداء
على كل الأعضاء، وهكذا دخلت أوروبا «مرحليا» عرين الأسد الأمريكى، وبتنا
نجد أنفسنا أمام خطاب سياسى واستراتيجى موحد يحمل إمضاء طرفى النظام الدولى
الحالى وهما «أمريكا وأوروبا»، لكن الحال لم يصف دائما بنفس الدرجة التى
ظهر بها فى أعقاب أحداث ١١ سبتمبر.. فسرعان ما حدثت مواجهة أطلسية «أمريكية
- أوروبية» بسبب الحرب على العراق عندما لوحت فرنسا بحقها فى استخدام
«الفيتو».
بعد الثورة
«أمريكا- أوروبا».. سايكس بيكو جديد فى الشرق الأوسطبعد
سقوط حائط برلين فى ٩ نوفمبر ١٩٨٩، وانهيار الاتحاد السوفيتى وتفكك الكتلة
الشرقية فى العامين التاليين، طفا إلى السطح مجددا الحلم الذى طالما دغدغ
مشاعر الآباء المؤسسين لأوروبا، وهو أن تلعب «أوروبا العظمى» أو «أوروبا-
الاتحاد الموسع» دورا رائدا فى النظام الدولى، كأن تحتل المكانة التى كان
يحتلها الاتحاد السوفيتى، كقوة ثانية مواجهة للقوة الأمريكية.. وانطلقت هذه
الرؤية الأوروبية من حقيقة ترفضها «بل تكرهها أوروبا» كراهية شديدة وهى أن
يؤول أمر العالم إلى الولايات المتحدة وحدها.الكاتب الصحفى د. سعيد
اللاوندى مؤلف الكتاب قال: يبدو أن أوروبا قد أسرفت «أو استغرقت» فى
تفاصيل هذا الحلم الطوباوى، فظنت نفسها بالفعل القوة الأخرى «عالميا»،
خصوصا بعد أن حقق «اليورو» الذى انطلق فى أول يناير ١٩٩٩ بعض النجاح الذى
ارتعدت له فرائص الدولار فى البورصات والأسواق العالمية.وفى هذه
الفترة تحديدا أطلق وزير خارجية فرنسا وقتئذ دومنيك دوفيلبان أكثر من تصريح
رنان يقول فيه: «خير للعالم أن يسير على قدمين من أن يسير على قدم واحد»
فى إشارة إلى رغبة أوروبا أن تكون شريكا فى القرار الدولى الذى بات فى حكم
المسلم به أن الولايات المتحدة هى التى تضطلع به منذ زوال «ملكوت» الاتحاد
السوفيتى السابق.ولعل الرئيس شيراك كان الأعلى صوتا بين قادة أوروبا
عندما تحدث إلى صحيفة أمريكية قائلا: إنه من غير المقبول أو المعقول أن
تظل أمريكا هى صاحبة القرار فى العالم بينما لا يزيد دور أوروبا عن مجرد
دفع فواتير الحساب.وهكذا كان واضحا فى أوروبا التى تسير بخطى سريعة
باتجاه توسيع الاتحاد الأوروبى، والتطلع إلى تحقيق سياسة خارجية وأمنية
وأوروبية موحدة «تطمح»، «فعلا لا قولا» إلى أن تكون من أخص خصوصياتها،
وبالتالى فلا مجال لأوروبا، أو ولاية أخرى فى العالم.ومن قبيل وضع
العصا فى عجلة الاتحاد الأوروبى ورغبة من جانب أمريكا فى تبديد هذا الحلم
الأوروبى المتطلع إلى المشاركة فى قيادة العالم، لجأت واشنطن إلى فرملة
الفرس الآخر الذى يشارك فرنسا فى جر قاطرة الحلم الأوروبى وهو هنا ألمانيا،
فأظهرت فى أكثر من مناسبة «الجزرة الطازجة» لإغراء القادة الألمان
للارتماء فى أحضان واشنطن، فتحدثت عن إمكانية إشراك ألمانيا فى قيادة حلف
الناتو، ولوحت بترجيح كفة ألمانيا عضوا دائما فى مجلس الأمن عند الحديث عن
إصلاح الأمم المتحدة.. بل وتحدثت أيضا عن إفساح المجال أمام ألمانيا
للاشتراك فى منظومة الأقمار الصناعية الأمريكية مقابل ألا تتحمس ألمانيا
لإطلاق منظومة الأقمار الصناعية الأوروبية، وأن تقلل من حصتها المالية فى
دعم هياكل وآليات الاتحاد الأوروبى.. بكلمة أخرى كان المخطط الأمريكى
الثابت فى هذه المرحلة هو فصم عرى الثنائى «الفرنسى - الألمانى» بوصفه
الموتور المحرك للجسد الأوروبى كله.وكان طبيعياً أن تظهر ملامح هذا
الصراع الأمريكى- الأوروبى فى هذه المرحلة الفاصلة من النظام الدولى،
فالولايات المتحدة ترى أنها سيدة العالم بلا منازع، وتحدث أركان حكمها فى
ذلك الوقت عن فضل أمريكا على أوروبا، فهى التى حررتها من طاعونين: الأول
طاعون النازية، والثانى طاعون الشيوعية، ثم هى التى أقالتها من عثرتها
الاقتصادية بعد الحرب العالمية بإقامة مشروع مارشال الشهير، وكان السؤال
الذى ينطوى على كثير من الاستهجان هو التالى: أبعد كل هذا يمكن أن تبدى
أوروبا التمرد والعصيان؟!فى الواقع ظل الدفع الأوروبى المتبع بأحلام
القوة والريادة يتواصل غير عابئ بزئير الأسد الأمريكى، ورغبت أوروبا فى أن
تلعب دورا فى عملية السلام فى الشرق الأوسط فقوبلت بالصدود الأمريكى، ولم
تشأ إسرائيل أن تضم مكانا فى مقعد الشريك لأوروبا، وأكدت ذلك بريطانيا التى
رأت أن الولايات المتحدة وحدها هى راعية السلام، ولا مجال للحديث عن شريك
أوروبى «أو غير أوروبى» بل تحدث بريجينسكى مستشار الأمن القومى الأمريكى
الأسبق عن ضرورة انصياع أوروبا- لأمريكا، ولا داعى لأن تتنكر للأيادى
البيضاء التى غمرتها بعطاياها، مشيرا إلى أنه قد يتوجب على أوروبا أن تدفع
ما سماه «الجزية» للولايات المتحدة.وأما الخطى الثابتة التى حققتها
مسيرة الوحدة الأوروبية بقيادة الثنائى «الفرنسى- الألمانى» فقد زادت درجة
الاحتقان نسبيا حتى وقعت أحداث ١١ سبتمبر ٢٠٠١ الإرهابية وفوجئنا بصحيفة
لوموند الفرنسية تنشر مقالة على صفحتها الأولى بعنوان «نحن جميعا أمريكيون»
(Tous Americains Nous sommes)، وتؤكد أن المستهدف من هذه الاعتداءات ليس
فقط أمريكا وإنما أوروبا وكل العرب دون تفرقة أو تمييز.ثم يتاح
للعلاقات الأمريكية - الأوروبية، فى أعقاب ذلك أن تشهد درجة من درجات
الالتئام بعد أن أصبح خطر الإرهاب يحدق بالجميع، ولقد برعت الولايات
المتحدة فى استخدام «فزاعة القاعدة وأسامة بن لادن» وفعلت المادة الخامسة
من حلف الناتو التى تقول: إن أى اعتداء على دولة عضو بالحلف يعتبر اعتداء
على كل الأعضاء، وهكذا دخلت أوروبا «مرحليا» عرين الأسد الأمريكى، وبتنا
نجد أنفسنا أمام خطاب سياسى واستراتيجى موحد يحمل إمضاء طرفى النظام الدولى
الحالى وهما «أمريكا وأوروبا»، لكن الحال لم يصف دائما بنفس الدرجة التى
ظهر بها فى أعقاب أحداث ١١ سبتمبر.. فسرعان ما حدثت مواجهة أطلسية «أمريكية
- أوروبية» بسبب الحرب على العراق عندما لوحت فرنسا بحقها فى استخدام
«الفيتو».
الخميس 4 مارس 2021 - 1:37 من طرف ahmedsdream
» تحميل ابحاث قانونية متنوعة
الأربعاء 30 يناير 2019 - 4:28 من طرف جميل0
» حمل موسوعة أحكام المحكمة الإدارية العُليا حصريا
الأربعاء 30 يناير 2019 - 4:24 من طرف جميل0
» موسوعة فتاوى الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بمجلس الدولة .. الجزء الاول
الجمعة 11 يناير 2019 - 8:11 من طرف jvmj12
» البرنامج التدريبي نوفمبر – ديسمبر 2017
الإثنين 23 أكتوبر 2017 - 19:22 من طرف يوسف بختان
» حمل كتاب الشرح الوافى العملى لدعوى رصيد الاجازات
الجمعة 13 يناير 2017 - 1:17 من طرف leaderman
» الوجيز فى القانون الادارى
الخميس 15 ديسمبر 2016 - 15:31 من طرف احمد العزب حجر
» كاميرات مراقبة
الأربعاء 10 أغسطس 2016 - 18:12 من طرف كاميرات مراقبة
» افضل اسعار كاميرات مراقبة فى مصر
الأربعاء 10 أغسطس 2016 - 18:10 من طرف كاميرات مراقبة