بسم الله الرحمن الرحيم
موقف الفقه تجاه الرضا بالتفتيش:
الرضا بالتفتيش هو "التفتيش الذى يرضى به صاحب الشأن فيسمح بإجرائه طواعية واختياراً ويرضى بنتيجته سلفاً([64]) وقد اختلف الفقهاء فى شأن مشروعيته فذهب البعض إلى أن دخول مأمور الضبط القضائى منزل أحد المواطنين لإجراء تفتيش فى غير الأحوال التى بينها القانون يعد أمراً غير مشروع لا يمكن تلافيه وتصحيحه برضاء صادر عن رب المنزل لأن القواعد المتعلقة بدخول المنازل هى من قواعد النظام العام([65]).
وذهب البعض الآخر إلى القول بمشروعية الدخول والتفتيش الحاصل بناء على رضاء الشخص المعنى بالإجراء وذلك لأن كل شخص حر فى التنازل عن الضمانات المقررة لمصلحته التى يعد مثالاً لها الضمانة المتعلقة بحصانة المسكن([66]).
ونرى أن حصانة المسكن تهدف إلى حماية الحق فى السر وممارسة هذا الحق ما هو إلا رخصة للفرد له الحرية الطلقة فى استعمالها أو عدم استعمالها ومتى شاء استعملها وسمح للغير بالاطلاع على ما كانت تحميه قواعد حماية الحق فى السر فمعنى ذلك أن محل الاطلاع لم يعد سراً وبالتالى لم يعد هناك مجال للتحدث عن القواعد التى تحمى السر. فضمانات السر إنما وضعت لحمايته من أى إفشاء ضد إرادة صاحبه وما دام صاحبه قد رضى بإفشائه فلا يعد سراً وأصبح السماح بمعرفته ضرباً من ضروب الاطلاع ولم يعد الأمر يتعلق بتفتيش قانونى([67]).
شروط صحة الرضاء:
استقرت أحكام القضاء المصرى على أن الرضاء بالتفتيش المخالف للقانون يحول دون الدفع ببطلانه([68]) ولكى يكون الرضاء مانعاً من الدفع ببطلان التفتيش لابد من توافر عدة شروط للقول بصحته:
أولاً: أن يصدر الرضاء عن إرادة مميزة:
فالرضاء هو نوع من القبول ولا يعتد القانون بكل قبول بل لابد من أن يكون هذا القبول صادر عن شخص مميز. فلا يعتد برضاء المجنون لأنه ليس مدركاً لمصلحته ويذهب الفقه إلى أنه يتعين للاعتداد برضاء الشخص أن يكون بالغاً من العمر أربعة عشر سنة وقت صدور القبول منه باعتبار أن هذه السن هى سن الأهلية للشهادة([69]).
ثانياً : أن يكون الرضاء صريحاً:
إن القضاء المصرى اتجه منذ البداية إلى اشتراط أن يكون الرضاء بالتفتيش صريحاً ولم يعتد بالرضاء الضمنى لأنه قد يكون مبعثه الخوف والاستسلام([70]). غير أن مجرد كون الرضاء صريحاً لا يكفى لصحته بل لابد من أن يكون الرضاء حراً([71]).
ويعنى ذلك أن من رضى لم يكن خاضعاً لأى تأثير خارجى من شأنه أن يؤثر فى إرادته إلى الحد الذى لا يعتد به القانون. وهذا الإكراه قد يكون مادياً كتكبيل المتهم بالقيود الحديدية مما يدفعه إلى الرضاء حتى تفك قيوده. وقد يكون الإكراه معنوياً كتهديد المتهم باصطحابه إلى قسم الشرطة وحجزه فيه إن لم يرضى. ولا يعتبر من قبيل الإكراه مجرد الخوف الذى تملك المتهم من مفاجأة رجال البوليس له([72]). وكذلك فإن سلطان الوظيفة ذاته بما يسبغه على صاحبه من سلطات واختصاصات لا يعد إكراهاً ما دام لم يستطل بالأذى – مادياً أو معنوياً – إلى المتهم.
ثالثاً : أن يصدر الرضاء عن علم بظروف التفتيش:
يقصد بذلك علم الشخص المعنى بالإجراءات بعدم قانونية التفتيش وعدم جواز إجرائه وأن من حقه رفض السماح لمأمور الضبط القضائى بالدخول لإجرائه([73]).
لذلك نرى أن العلم بظروف التفتيش يلقى على عاتق مأمور الضبط القضائى بالتزام قانونى يتمثل فى تنبيه الشخص المعنى بالإجراء إلى عدم مشروعيته وأن من حقه رفض السماح له بالدخول([74]) فإذا وقف مأمور الضبط القضائى موقفاً سلبياً وامتنع عن تنبيه الشخص المعنى بالإجراء إلى ذلك بطل دخوله ولو اعتقد الشخص المعنى مشروعية هذا الدخول([75]) وعلى قاضى الموضوع أن يبين فى حكمه توافر الشروط السابقة اللازمة للقول بصحة الرضاء([76]). وما دمنا نتطلب العلم بظروف التفتيش – أو الإجراء بصفة عامة – المخالف للقانون فإن هذا العلم ينبغى أن يكون سابقاً على مباشرة الإجراء([77]). وعلى ذلك فإن الرضاء اللاحق على مباشرة الإجراء والصادر من صاحب الشأن ليس من شأنه أن يضفى المشروعية على هذا الإجراء لأنه لا يمكن القول فى هذه الحالة بتحقيق العلم بظروف التفتيش إذ العبرة فى الاعتداد بهذا العلم أن يكون سابقاً على مباشرة الإجراء وليس لاحقاً على مباشرته.
وقد أجملت محكمة النقض المصرية الشروط السابقة فى العديد من أحكامها([78]) وبينت هذه الشروط فى حكم حديث لها حيث قضت: "أن القيود الواردة على تفتيش المنازل والحماية التى أحاط بها الشارع تسقط عنها حين يكون دخولها بعد رضاء أصحابها رضاءً حراً لا لبس فيه حاصل منهم قبل الدخول بعد إلمامهم بظروف التفتيش والغرض منه. وبعدم وجود مسوغ يخول من يطلبه سلطة إجرائه ويستوى بعد ذلك أن يكون ثابتاً بالكتابة أو تستبين المحكمة ثبوته من وقائع الدعوى وظروفها([79]).
ممن يصدر الرضاء ؟؟
لا قيمة للرضاء إلا إذا صدر من صاحب الحق فى حرمة المسكن الذى يراد الدخول إليه([80]) وهذا الشخص هو الحائز للمسكن الذى يراد الدخول إليه. لذلك فإن غير الحائز لا يملك إباحة الاطلاع على المكان. لذا قضى ببطلان تفتيش غرفة أحد نزلاء فندق متى أجرى هذا التفتيش بغير الحصول على رضائه ولو كان مدير الفندق قد رضى بتفتيشها([81]).
فإذا كان حائز المكان غير موجود فيتعين صدور الرضاء ممن يقوم مقامه فى حيازة المكان لذلك كان رضاء زوجة صاحب المسكن سنداً لصحة هذا التفتيش([82]) وكذلك رضاء الابن المقيم فى المنزل مع والده([83]) ويشترط لصحة الرضاء الصادر عنه بلوغه سن الرابعة عشرة حتى يصبح أهلاً لتحمل الشهادة([84]) وأيضاً لوالد الحائز للمنزل والمقيم فيه أن يرضى بتفتيشه([85]).
وصلة القرابة – مجردة – لا تكفى لتوافر الحيازة([86]) وبالتالى للقول بصحة الرضاء ما دامت لا تقترن بالإقامة الفعلية فى المسكن([87]) كذلك لا يعتد برضاء خادم حائز المكان أو الخفير أو العامل فيه لأنهم ليسوا حائزين حيازة فعلية للمكان([88]) بل إن حيازتهم عارضة.
أثر توافر الرضاء الصريح بالنسبة لمباشرة الإجراء ذاته:
متى توافرت الشروط السابقة صح الرضاء وصحت بالتالى إجراءات التفتيش المستندة إلى هذا الرضاء. ويستوى فى ذلك أن يكون القائم بالتفتيش من مأمورى الضبط القضائى أو من رجال السلطة العامة أو فرد من الأفراد العاديين([89]).
ولكن هل يجوز لمن رضى سحب رضاءه أثناء مباشرة الإجراء وبالتالى يتعين على القائم بالتفتيش التوقف عن متابعة إجراءاته ؟؟
يذهب الرأى الغالب إلى عدم جواز سحب الرضاء بعد صدوره([90]) لأن المادة 184 عقوبات فرنسى تعاقب على الدخول غير المشروع وبالتالى يخرج عن نطاق تطبيقها الدخول المقترن بالرضاء لأنه دخول مشروع ومن ثم لن تكون هناك فائدة من تقرير عدم مشروعية التفتيش لعدم إمكان توقيع عقوبة المادة 184 عقوبات([91]).
بينما يذهب رأى آخر إلى جواز سحب الرضاء ولا خشية من عدم توقيع عقوبة المادة 184 لأنه إذا كان الدخول فى حد ذاته صحيحاً وبالتالى لن توقع عقوبة انتهاك حرمة ملك الغير فإن ذلك لا يحول دون تقرير عدم مشروعية التفتيش وبالتالى إهدار الدليل الناتج عن إجراءات التفتيش اللاحقة على سحب الرضاء([92]).
ونرى عدم جواز سحب الرضاء بعد صدوره مع من يرون ذلك فما دام الشخص قد رضى فعليه أن يتحمل تبعة رضائه والقول بغير ذلك يجعل عمل مأمور الضبط خاضعاً لأمزجة الأفراد ويفتح المجال على مصراعيه للادعاء بسحب الرضاء تخلصاً من جريمة ضبطت فى منزل الشخص الذى رضى فى البداية بإجراء التفتيش([93]).
مدى لزوم الكتابة لإثبات صحة الرضاء:
اتجه القضاء المصرى إلى أنه لا يشترط فى الرضاء أن يكون ثابتاً كتابة إذ يكفى أن تستظهر المحكمة الرضاء بالتفتيش من وقائع الدعوى وظروفها([94]).
وإن كان البعض قد انتقد ذلك ويرى وجوب إثبات الرضاء بالكتابة فى محضر التفتيش وأن يوقع عليه ممن رضى([95]) واستحسن البعض الآخر ذلك([96]) ولكن القانون لم يشترط طريقاً معيناً لإثبات رضاء صاحب الشأن بالتفتيش ومن ثم كان تقدير الرضاء من سلطة محكمة الموضوع ولا شأن لمحكمة النقض معها فى ذلك متى كان الاستدلال سليماً فإثبات الرضاء فى محضر التحقيق لا يلزم محكمة الموضوع بالتسليم به لأن أساس المحاكمة الجنائية حرية القاضى فى تكوين عقيدته من التحقيق الشفهى الذى يجريه بنفسه ويديره ويوجهه الوجهة التى يراها موصلة للحقيقة أما التحقيقات الأولية السابقة على المحاكمة فليست إلا من عناصر الدعوى فيأخذ بها القاضى متى اطمأن إليها ويطرحها إذا لم يصدقها وللقاضى أن يستنتج الرضاء من وقائع الدعوى([97]).
أما قانون الإجراءات الجنائية الفرنسى فقد استلزمت المادة 76 منه صدور الرضاء كتابة من الشخص المعنى واشتراط كتابة الرضاء لا يعنى أن يكون محرراً بخط يد الشخص المعنى بل يمكن أن يكون مطبوعاً وموقعاً عليه ممن رضى([98]) فإذا كان الشخص المعنى بالإجراء لا يعرف الكتابة فيمكن أن يكون الرضاء شفاهة على أن يشهد اثنان من الشهود من أقاربه بصدور هذا الرضاء منه وتثبت شهادتهما فى محضر التفتيش([99]) ومما هو جدير بالذكر أن الرضاء لا يقتصر أثره فى إباحة تفتيش المسكن بل يجوز للشخص أن يرضى بتفتيش شخصه([100]) وسيارته([101]).
الفصل الثانى
دخول وتفتيش المساكن بإذن قضائى
راعى المشرع حرمة المسكن على أساس أنها المكان الذى يطمئن فيه الشخص فنص فى المادة (44) من دستور جمهورية مصر على أن "للمساكن حرمة فلا يجوز دخولها ولا تفتيشها إلا بأمر قضائى مسبب وفقاً لأحكام القانون".
وبذلك فقد قرر الدستور مبدأً عاماً لا يجوز مخالفته وهو اقتصار دخول وتفتيش المساكن بواسطة السلطات العامة على الحصول على إذن قضائى مسبب وبذلك فإن أى دخول أو تفتيش بدون هذا الإذن المسبب يعتبر باطلاً وخصوصاً بعد الحكم بعدم دستورية المادة (47) من قانون الإجراءات الجنائية والتى كانت تجيز تفتيش مسكن المتهم عند حدوث حالة التلبس مما عزز الشرعية الدستورية التى تبنى عليها الأساس القانونى لمختلف التشريعات.
والتفتيش هو أحد أهم إجراءات التحقيق الابتدائى فثمرته هى ضبط الأشياء المتعلقة بالجريمة والتى تفيد فى كشف الحقيقة وهذه الأشياء قد تستمد منها أهم أدلة الجريمة إذ قد تكون أداة ارتكابها أو موضوعها أو متحصلاتها.
وقد وردت فى شأن تفتيش المساكن المادتين (91) ،(92) من قانون الإجراءات الجنائية واللتان أجملتا شروط التفتيش الموضوعية والشكلية فنصت المادة (91) من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديلها بالقانون رقم (37) لسنة 1972 على أن: "تفتيش المنازل عمل من أعمال التحقيق ولا يجوز الالتجاء إليه إلا بمقتضى أمر من قاضى التحقيق بناء على اتهام موجه إلى شخص يقيم فى المنزل المراد تفتيشه بارتكاب جناية أو جنحة أو باشتراكه فى ارتكابها أو إذا وجدت قرائن تدل على أنه حائز لأشياء تتعلق بالجريمة.
ولقاضى التحقيق أن يفتش أى مكان ويضبط فيه الأوراق والأسلحة وكل ما يحتمل أنه استعمل فى ارتكاب الجريمة أو نتج عنها أو وقعت عليه وكل ما يفيد فى كشف الحقيقة.
وفى جميع الأحوال يجب أن يكون أمر التفتيش مسبباً".
ونصت المادة (92) من قانون الإجراءات الجنائية على: "يحصل التفتيش بحضور المتهم أو من ينيبه عنه إن أمكن ذلك.
وإذا حصل التفتيش فى منزل غير المتهم يدعى صاحبه للحضور بنفسه أو بواسطة من ينيبه عنه إن أمكن ذلك".
وسنتعرض بشئ من التفصيل للشروط الموضوعية والشروط الشكلية([102]) الواردة بنص المادتين سالفتى البيان.
المبحث الأول
الشروط الموضوعية لتفتيش المساكن
وهذه الشروط هى سبب التفتيش وموضوعه والغاية المستهدفة منه.
أولاً : سبب التفتيش:
سبب التفتيش هو "الواقعة المنشئة للسلطة فى التفتيش" أى الواقعة التى تخول المحقق الحق فى أن يصدر الأمر بالتفتيش([103]) وقد حدد الشارع سبب التفتيش بأنه "اتهام موجه إلى شخص يقيم فى المنزل المراد تفتيشه بارتكاب جناية أو جنحة أو إذا وجدت قرائن تدل على أنه حائز لأشياء تتعلق بالجريمة "وهذا الشرط يتكون من العناصر الآتية: ارتكاب جريمة فعلاً ووصف هذه الجريمة بأنها "جناية أو جنحة" وتوجيه الاتهام إلى الشخص المقيم فى المسكن بارتكاب هذه الجريمة أو وجود قرائن تدل على حيازته لأشياء تتعلق بها.
1) يتعين أن تكون ثمة جريمة قد ارتكبت فعلاً:
وهذا الشرط مستخلص من تكييف التفتيش بأنه "عمل تحقيق" وما يفترضه كل تحقيق من ارتكاب جريمة سابقة. وبناء على أن التفتيش هو عمل تحقيق فإنه يخضع للقواعد العامة التى يخضع لها التحقيق الابتدائى وقد أراد الشارع بهذا التكييف أن ينفى عن التفتيش أن يكون "عمل استدلال". وثمة نتائج هامة تترتب على هذا التكييف: فلا يجوز أن تجريه –كقاعدة عامة – إلا سلطة تحقيق([104]).
ويفترض فى التفتيش ارتكاب جريمة إذ التحقيق يفترض جريمة سابقة ومن ثم لم يكن جائزاً احتياطاً لجريمة مستقبلة يحتمل ارتكابها. وإذا علق القانون تحريك الدعوى الجنائية على تقديم شكوى أو طلب أو صدور إذن فلا يجوز إجراؤه قبل ذلك([105]) وباعتبار التفتيش عمل تحقيق فإنه يحكمه مبدأ الحياد والموضوعية الذى يهيمن على التحقيق الابتدائى فلا يجوز أن تنحصر غايته فى ضبط الأشياء التى تثبت إدانة المتهم وإنما على المحقق أن يتحرى كذلك العثور على أشياء قد تثبت براءة المتهم أو تخفف مسئوليته([106]).
وعن طريق التحقيق السابق للتفتيش – وما قد يصاحبه من إجراءات استدلال مختلفة – سيتبين للمحقق ما إذا كانت هناك دلائل كافية على أن المتهم المراد تفتيشه أو تفتيش منزله يحتمل أن يحوز أشياء تتعلق بالجريمة أو لا يحتمل ذلك وأمر تقدير هذه الدلائل موكول للمحقق تحت إشراف محكمة الموضوع([107]) ولم يشترط الشارع للتحقيق السابق أن يكون قد كشف عن قدر معين من أدلة الإثبات أو أن يكون قد قطع مرحلة معينة بل ترك ذلك لتقدير سلطة التحقيق لكى لا يكون من وراء غل يدها احتمال فوات الغرض منه مما تتأثر به مصلحة الجماعة التى تسمو على مصلحة الفرد([108]).
ولا يجوز أن يتخذ التفتيش وسيلة لاكتشاف الجرائم وضبط مرتكبيها وإنما محل هذا هو جمع الاستدلالات. فالبلاغ عن الجريمة وحده لا يكفى لإجراء التفتيش وإنما يجب أن تقوم دلائل قوية ضد شخص معين بأن له يداً فى ارتكابها حتى يصح تفتيش مسكنه أى أن التفتيش لا يكون إلا بعد ارتكاب الجريمة فلا يصح مباشرته لجريمة مستقبلة ولو قامت التحريات والدلائل الجدية على أنها ستقع بالفعل([109]). واستمرار التحريات بعد صدور الإذن بالتفتيش مفاده تعقب المتهمين والوقوف على مكان تواجدهما تحقيقاً لغرض ضبطهما ولا يدل على عدم جدية التحريات السابقة على صدور الإذن([110]). وصدور الإذن بناء على تحريات ضابط المباحث بحثاً عما يحرزه المتهم من مخدر لا يعنى أن الإذن إنما صدر للكشف عن جريمة لم تبرز إلى حيز الوجود([111]) واستعمال عبارة ما قد يوجد لدى المتهم من مواد مخدرة فى إصدار الإذن لا ينصرف إلى احتمال وقوع جريمة إحراز المخدر أو عدم وقوعها قبل صدوره إنما ينصرف إلى نتيجة التفتيش وهى دائماً احتمالية([112]) ويجب أن يظهر من الظروف أن هناك فائدة يحتمل أن تظهر من وراء التفتيش وإلا كان المساس بحرمة المسكن بغير مبرر([113]).
ويكفل هذا الشرط – أن تكون هناك جريمة قد ارتكبت فعلاً – حصر نطاق التفتيش فى المجال المحدود الذى تقتضيه مصلحة المجتمع فهذا الإجراء لخطورته (ومساسه بحرمة المسكن) لا يجوز إلا إذا ارتكبت جريمة ومن أجل البحث عن أدلتها ومن ثم فإن مصلحة المجتمع لا تقتضيه لمجرد التحوط لجريمة مستقبلة وبالإضافة إلى ذلك فإن هذا الشرط يضفى على سبب التفتيش الضبط والتحديد ([114]).
وتطبيقاً لذلك فإن أمر التفتيش الذى يصدر فى شأن جريمة لم ترتكب بعد ولكن ارتكابها فى مستقبل قريب راجح أو مؤكد هو أمر باطل فإذا صدر الأمر بتفتيش مسكن لأن التحريات دلت على أن الشخص المقيم فيه سيحوز فى اليوم التالى مواد مخدرة عقد العزم على شرائها أو أنه سيتقاضى مبلغاً على سبيل الرشوة فالأمر فى الحالتين باطل ويبطل التفتيش ذاته وما يتولد عنه من أدلة.
2) يتعين أن تكون الجريمة جناية أو جنحة:
حصر الشارع نطاق التفتيش فى الجنايات والجنح لخطورتها ولم يجزه فى المخالفات لضآلة أهميتها. ولكن جميع الجنح يجوز فيها التفتيش ولو كانت عقوبتها الغرامة فقط. وإذا اعتقد المحقق – لأسباب كافية – أن الجريمة جنحة فأمر بالتفتيش فالأمر صحيح ولو قضى بعد ذلك باعتبارها مخالفة إذ العبرة فى صحة الإجراء بتحقق سببه – من حيث الظاهر – وقت اتخاذه.
3) توجيه الاتهام إلى الشخص المقيم فى المسكن أو وجود قرائن ضده بإخفائه فى مسكنه أشياء متعلقة بالجريمة:
يشترط لجواز تفتيش المسكن أن يكون هناك اتهام قائم ضد شخص معين يقيم فيه ويستوى فى هذا أن يكون دوره فى الجريمة كفاعل أصلى أو شريك([115]) وتحديد المتهم حائز المسكن يكفى فيه تحديد شخصيته بشكل واف يمنع كل خلط بينه وبين غيره ويفيد أنه هو بذاته المطلوب تفتيش مسكنه فالخطأ فى اسمه لا يقدح فى صحة التفتيش([116]).
وكذلك يكون التفتيش صحيحاً لو صدر أمر الندب باسم اشتهر به المتهم([117]) وإغفال ذكر اسم الشخص فى الأمر الصادر بتفتيشه اكتفاء بتعيين مسكنه لا ينبنى عليه بطلانه متى ثبت للمحكمة أن الذى تم تفتيشه وتفتيش مسكنه هو بذاته المقصود بأمر التفتيش([118]).
ولا يكفى أن توجه التهمة إلى الشخص كما يبدو من ظاهر النص بل يجب أن يكون الاتهام جدياً قامت عليه من الدلائل ما يكفى لاقتحام مسكنه الذى حفظت له القوانين حرمته([119]). وتقدير الدلائل متروك للنيابة تحت رقابة محكمة الموضوع التى إن استظهرت عدم جدية الدلائل كان لها أن تعتبر التفتيش باطلاً وتلتفت عن الدليل المستمد منه([120]).
ويجب أن يكون التفتيش منصباً على مسكن معين بالذات فلا يجوز أن يكون التفتيش عاماً بحيث يشمل مساكن جميع الأشخاص المقيمين فى حى معين أو قرية معينة لأنه لا يصح إلا عن جريمة محددة مع توافر قرائن قبل المتهم وهو أمر غير مقبول فى الصورة التى عرضناها([121]).
وتعيين مسكن المتهم يقصد به تعريفه على وجه دقيق لا يحتمل الخلط أو اللبس([122]) ويكون هذا ببيان اسم المتهم والشارع الذى يقع به المنزل ورقمه والشقة التى يسكن فيها. فيجب أن يعين مسكن المتهم ببيان دقيق يرفع كل خلط أو لبس ولا يقدح فى تحديد المسكن نقص بعض البيانات متى كانت باقيها كافية لتحديد أين يقطن المتهم فمثلاً يجوز أن ينصب أمر الندب للتفتيش على الدور السادس من المنزل الواقع فى نهاية شارع كذا أو الشقة التى سيدخلها المتهم فى الساعة المعينة من المنزل الواقع فى نهاية شارع كذا أو الشقة التى سيدخلها المتهم فى الساعة المعينة من المنزل رقم كذا وهذا متى كان من غير الميسور معرفة الشقة التى يقصدها. ومجرد الخطأ المادى فى ذكر اسم الشارع الذى يقع به حانوت الطاعن فى محضر التحريات لا يقطع بذاته فى عدم جدية ما تضمنه من تحر([123]).
حالتا التفتيش:
لتفتيش المساكن حالتان: تفتيش مسكن المتهم نفسه وتفتيش مسك غير المتهم فالحالة الأولى تفترض توجيه الاتهام إلى الشخص المقيم فى المسكن بارتكابه الجناية أو الجنحة كفاعل لها أو شريك فيها والحالة الثانية تفترض حيازة المقيم فى المسكن لأشياء تتعلق بالجريمة([124]).
وفى الحالتين يتعين أن تتوافر الدلائل الكافية على المساهمة فى الجريمة أو حيازة الأشياء المتعلقة بها. ولهذا التمييز أهميته من حيث تحديد السلطة المختصة بالتفتيش فإذا كان محل التفتيش هو منزل المتهم جاز لقاضى التحقيق والنيابة العامة كذلك أن تجريه بنفسها أو تأذن به لأحد مأمورى الضبط إذا توافرت شروط التفتيش الموضوعية والشكلية وهذا الحق ممنوح لقاضى التحقيق بمقتضى المادتين (91) ،(94) إجراءات جنائية وهو ممنوح للنيابة العامة بمقتضى هذه المواد ذاتها والمادة (199) إجراءات جنائية التى أحالت عليها.
أما إذا كان محل التفتيش هو منزل غير المتهم فإن سلطة النيابة العامة فى اتخاذ إجراء التفتيش أو الإذن لأحد مأمورى الضبط به مقيدة فى القانون على عكس السلطة المخولة لقاضى التحقيق وقد أجازت المادة (206) إجراءات للنيابة العامة مباشرة هذا الإجراء أو الإذن به فى تقريرها أنه لا يجوز للنيابة العامة تفتيش غير المتهم أو منزل غير منزله إلا إذا اتضح من إمارات قوية أنه حائز لأشياء تتعلق بالجريمة بشرط الحصول مقدماً على أمر مسبب من القاضى الجزئى بعد اطلاعه على الأوراق على أساس أن التفتيش يقع على منزل غير المتهم فينبغى لهذا السبب أن يحاط بضمانات كافية تسمح بمراجعة تقدير النيابة العامة لجدوى هذا الإجراء وضرورته([125]).
ثانياً : موضوع التفتيش:
موضوع التفتيش هو المسكن بأجزائه كافة والمسكن هو مكان خاص ولكن ليس كل مكان خاص مسكناً فشرط المسكن هو تخصيصه للإقامة وما عدا المسكن من الأماكن الخاصة كالمكان الخاص فى متجر أو عيادة طبيب أو السيارة الخاصة لا يخضع تفتيشه لقواعد تفتيش المساكن وإنما يرتبط تفتيشه بتفتيش شخص حائزه فجواز تفتيش الشخص يرتبط به جواز تفتيش ما يحوزه من أماكن خاصة عدا مسكنه.
ويخرج الفقهاء عادة من عداد الأماكن التى يجوز تفتيشها مقار البعثات الدبلوماسية والقنصلية ومساكن أعضاء مجلس الشعب ومكاتب المحامين بالنسبة لما قد تحتويه من مراسلات بين المتهم ومحاميه([126]).
وهذا التكييف صحيح بالنسبة لمقار البعثات الدبلوماسية والقنصلية فلها فى ذاتها حصانة مكانية استناداً إلى عرف دولى مستقر وبالإضافة إلى ذلك فإن هذه المقار ليست مساكن ومن ثم لا محل لتطبيق الأحكام الخاصة بتفتيش المساكن عليها. أما مساكن أعضاء مجلس الشعب فليست لها فى ذاتها حصانة وإنما حظر تفتيشها فرع عن حصانة النائب الشخصية وما يترتب عليها من حظر اتخاذ الإجراءات الجنائية ضده ومن هذه الإجراءات تفتيش مسكنه والدليل على ذلك أنه إذا ارتفعت الحصانة جاز التفتيش.
ولا حصانة لمكتب المحامى فى ذاته وإن اشترطت إجراءات معينة فى تفتيشه (بالإضافة إلى أن مكتب المحامى ليس مسكناً فلا تسرى عليه القواعد الخاصة بتفتيش المساكن) وإنما تنتفى الغاية المشروعة للتفتيش إذا كان يستهدف مجرد ضبط المراسلات المتبادلة بين المحامى والمتهم الذى وكله عنه إذ أن هذا الضبط غير جائز والدليل على ذلك أنه إذا استهدف التفتيش غاية مشروعة كان التفتيش جائزاً كما لو وجه الاتهام إلى المحامى نفسه واستهدف التفتيش ضبط الأشياء المتعلقة بجريمته.
الوضع بالنسبة لمكاتب المحامين وعيادات الأطباء:
يلحق بالأمكنة التى تسبغ عليها الحماية ضد التفتيش فى غير الأحوال المقررة بالقانون مكاتب المحامين وعيادات الأطباء([127]) فإنها فى غير أوقات العمل تكتسب حرمة خاصة إذ تعتبر حينئذ مستودعاً لسر لا يباح لأى فرد الاطلاع على ما بداخله. فالدخول إلى تلك الأماكن فى أوقات العمل يباح فقط لأفراد معينين يحضرون ابتغاء الإفادة من تلك المكاتب أو العيادات وإذن فدخولها لسبب مشروع فى أوقات العمل لا يجيز التفتيش ولكن إن وجدت عرضاً جريمة وكانت فى حالة تلبس فإنه يترتب عليها مختلف آثار التلبس([128]). أما إذا كان الدخول فى أوقات العمل ابتغاء التفتيش فى غير الأحوال الجائزة قانوناً فإن هذا الإجراء يعتبر باطلاً وكذلك ما يترتب عليه لأن إباحة الدخول أساسها رضاء من جانب صاحب المكان وهو لم يرضى إلا لمن يبغى الدخول للإفادة بخبرته أما غيره فلا يعد قابلاً لوجوده فى المكان أى أن دخوله بغير سبب مشروع ومن ثم إن وجدت جريمة وكانت فى حالة تلبس فإن كل ما يترتب عليها من آثار يكون باطلاً.
وقد حظرت الفقرة الأولى من المادة (51) من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 ندب مأمورى الضبط القضائى لتفتيش مكاتب المحامين حيث نصت على "لا يجوز التحقيق مع محام أو تفتيش مكتبه إلا بمعرفة أحد أعضاء النيابة العامة". ووفقاً لهذا النص يتعين على النيابة العامة أن تقوم بإجراء تفتيش مكاتب المحامين بنفسها ويمتنع عليها ندب مأمور الضبط القضائى لذلك. فإذا قامت النيابة بندب أحد مأمورى الضبط لإجراء تفتيش مكتب أحد المحامين كان الندب باطلاً وامتد هذا البطلان إلى التفتيش الذى تم تنفيذاً للندب([129]).
والعلة التى دعت المشرع إلى قصر مباشرة هذا الإجراء بمعرفة النيابة هى رغبته فى حماية حقوق الدفاع([130]) فالمشرع قدر أن النيابة العامة هى الجهة الأقدر على احترام حقوق الدفاع أما مأمورو الضبط فقد يهدرون حقوق الدفاع بضبط ما يقع تحت أيديهم من وثائق دون تمييز لخشيتهم من أن يتركوا ما يساعد على إجلاء الحقيقة([131]).
والحكمة التى دعت إلى قصر هذا الإجراء على النيابة لا تنتفى بالنسبة لقاضى التحقيق لأنه كجهة تحقيق أقدر أيضاً على حماية حقوق الدفاع وخاصة فيما يتعلق بالسر المهنى.
ولا يلتزم عضو النيابة بأن يجرى تفتيش مكتب أحد المحامين بحضور نقيب المحامين أو من يمثله لأن الفقرة الثانية من المادة (51) وإن كانت ألزمت النيابة بإخطار مجلس نقابة المحامين أو مجلس النقابة الفرعية قبل الشروع فى تحقيق أى شكوى ضد محام بوقت مناسب وأجازت للنقيب أو من يمثله حضور التحقيق فإن ذلك مقصور على إجراء الاستجواب فحسب والدليل على ذلك أن الفقرة الأولى فرقت بين التفتيش والتحقيق ثم جاءت الفقرة الثانية لتقرر حق النقيب فى حضور التحقيق الذى يجرى مع محام بسبب شكوى مقدمة ضده أو إذا كان متهماً بجناية أو جنحة ولم تشر هذه الفقرة إلى حق النقيب فى حضور التفتيش.
ولا يقتصر حظر ندب مأمور الضبط القضائى لإجراء التفتيش بالنسبة لمكاتب المحامين فقط بل يشمل هذا الحظر ندبه لتفتيش مقار نقابة المحامين ونقاباتها الفرعية فتفتيش هذه الأماكن يجب أن يتم بمعرفة سلطة التحقيق ذاتها. كما أنه لا يجوز إجراء هذا التفتيش إلا بحضور نقيب المحامين أو نقيب النقابة الفرعية أو من يمثلها.
ويشمل هذا الحظر كذلك ندب مأمور الضبط لوضع الأختام على هذه الأماكن ويترتب على مخالفة هذا النص بطلان إجراء التفتيش أو إجراء وضع الأختام الذى اتخذ بمعرفة مأمور الضبط القضائى.
ثالثاً : الغاية من التفتيش:
الغاية من التفتيش هى ضبط الأشياء التى يمكن أن يستعين بها المحقق فى كشف الحقيقة فى شأن الجريمة موضوع التحقيق واستهداف هذه الغاية هو علة مشروعية التفتيش ومنها تستلهم أهم القواعد التى تحكمه([132]) وقد أجاز القانون لسلطة التحقيق أن تضبط جميع الأشياء المتعلقة بالجريمة والتى تفيد فى كشف الحقيقة عنها وعن مرتكبها كما أجاز لها مراقبة المحادثات. فلسلطة التحقيق – على ما تقضى به المادة (91) – أن تفتش أى مكان وأن تضبط فيه الأوراق والأسلحة وكل ما يحتمل أنه استعمل فى ارتكاب الجريمة أو نتج عنها أو وقعت عليه وكل ما يفيد فى كشف الحقيقة كما أجاز لها بمقتضى المادة (206/2) إجراءات أن تضبط لدى مكاتب البريد جميع الخطابات والرسائل والجرائد والمطبوعات والطرود ولدى مكاتب البرق جميع البرقيات وأن تراقب المحادثات السلكية واللاسلكية وأن تقوم بتسجيلات لمحادثات جرت فى مكان خاص.
والضبط معناه وضع اليد على شئ يتعلق بجريمة وقعت ويفيد فى كشف الحقيقة عنها وعن مرتكبيها يستوى أن يكون هذا الشئ عقاراً أو منقولاً مملوكاً للمتهم فى الجريمة أو لغيره موجوداً فى حيازته أو فى حيازة غيره وأياً ما كان نوع الشئ أو قيمته ما دام متعلقاً بالجريمة من جهة ويفيد فى كشف الحقيقة من جهة أخرى.
وضبط الأشياء أى وضع اليد عليها يفترض أن تكون هذه الأشياء مادية لأن الأشياء المعنوية لا تصلح محلاً لوضع يد لكنها تصلح محلاً "لمراقبة" وهو ما أجازه القانون – بشروط خاصة – بالنسبة للمحادثات السلكية واللاسلكية أو التى تجرى فى مكان خاص.
وعندما يقوم مأمور الضبط القضائى بتنفيذ إجراء التفتيش والضبط عند ندبه لذلك من سلطة التحقيق فإنه يكون له الاختصاصات ذاتها التى لسلطة التحقيق فى حدود ندبه ويتقيد بالقيود التى ترد عليها([133]) ولما كانت سلطة التحقيق تملك الاطلاع على الأوراق المضبوطة ولو كانت مغلقة فقد يتبادر إلى الأذهان أن مأمور الضبط القضائى فى حالة ندبه لإجراء التفتيش يملك الاطلاع على الأوراق باعتبار أنه يحل محل سلطة التحقيق([134]) إلا إن المادة (97) قصرت حق الاطلاع على الأوراق المضبوطة على سلطة التحقيق. ولما كان تعبير "الأوراق" الواردة فى المادة (97) ينصرف إلى الأوراق التى يعثر عليها أثناء تفتيش منزل المتهم بمعرفة سلطة التحقيق فإن مفاد ذلك أنه ليس لمأمور الضبط القضائى حق الاطلاع على الأوراق المغلقة أثناء تفتيشه منزل المتهم أو فى منزل غيره بناء على ندبه من سلطة التحقيق لإجراء التفتيش.
مدى جواز أن تأمر المحكمة بتفتيش مسكن المتهم ؟
استخلص بعض الفقهاء من وصف الشارع التفتيش بأنه "عمل تحقيق" أن مجاله مقتصر على مرحلة التحقيق الابتدائى فإذا دخلت الدعوى فى حوزة المحكمة فقد انقضى هذا التحقيق بما يتضمنه من إجراءات ودعموا قولهم بنص الشارع على التفتيش فى الموضع المخصص من القانون للتحقيق الابتدائى وأشاروا فى النهاية إلى أن التفتيش لا يحقق غرضه إلا إذا أجرى فى وقت قريب من لحظة ارتكاب الجريمة وفى الغالب تتراخى المحاكمة زمناً قد يطول عن هذه اللحظة فيصير التفتيش بذلك غير ذى جدوى([135]).
ولكن هذه الحجج غير حاسمة فوصف التفتيش بأنه "عمل تحقيق" لا ينبغى أن يحول بين المحكمة وبين الأمر به إذ أن إجراءات المحاكمة هى بدورها "أعمال تحقيق" وإن يكن هذا التحقيق "نهائياً" وليس الموضع الذى تخيره الشارع للنص على التفتيش محدداً فى صورة قاطعة فقد نص عليه فى الموضع الذى يغلب فيه استعماله([136]).
وبالإضافة إلى ذلك فإن هذا الرأى يناقض المبدأ الذى يخول للمحكمة أن تتخذ كل إجراء تراه ضرورياً أو ملائماً لكشف الحقيقة وهو المبدأ الذى قننه الشارع فى المادة (291) من قانون الإجراءات الجنائية حيث نصت على أن "للمحكمة أن تأمر ولو من تلقاء نفسها أثناء نظر الدعوى بتقديم أى دليل تراه لازماً لظهور الحقيقة". ذلك أنه لا يعقل أن يحظر على المحكمة طريق ميسور لتكشف الحقيقة وأن يفرض عليها الفصل فى الدعوى دون أن تستجمع عناصرها المتاحة لها خاصة وأن دور القاضى الجنائى إيجابى فعليه أن يتحرى الحقيقة بنفسه ولا يجوز له أن يقتصر على الأدلة التى قدمها له أطراف الدعوى. وغنى عن البيان أنه إذا ندبت المحكمة أحد أعضائها أو قاضياً آخر لتحقيق الدعوى فله دون شك سلطة الأمر بالتفتيش إذا قدر ضرورته أو ملائمته.
المبحث الثانى
الشروط الشكلية لتفتيش المساكن
استلزم المشرع شرطين شكليين لتفتيش المساكن هما وجوب تسبيب أمر التفتيش واستلزام حضور بعض الأشخاص التفتيش.
أولاً : تسبيب أمر التفتيش:
قد أرست المادة (44) من الدستور المصرى مبدأ عدم جواز دخول المساكن ولا تفتيشها إلا بأمر قضائى مسبب وفقاً لأحكام القانون كما نصت المادة (91/2) إجراءات على أنه وفى كل الأحوال يجب أن يكون أمر التفتيش مسبباً وهو أمر يفترض ضمناً أن يكون مسجلاً بالكتابة ضماناً للدقة والمراجعة والوضعية.
ولقد كان لمحكمة النقض بصدد هذه القاعدة موقفاً مشرفاً حين أوجبت إعمال نص الدستور الذى يقضى به حتى قبل تعديل المادة (91) من قانون الإجراءات والنص فيها عليه([137]) إلا أنها بعد ذلك أعطت للتسبيب مضموناً متواضعاً للغاية قوامه توافر المبررات القانونية لإصدار أمر التفتيش ولو لم ينص عليها صراحة لكنها لم تفهم التسبيب أبداً على أنه شمول الأمر بالتفتيش عند تحريره للمبررات التى أوجبت صدوره([138]) وقضت بأن المادة (44) من الدستور والمادة (91) إجراءات فيما استحدثاه من تسبيب الأمر بدخول المسكن أو تفتيشه لم تشترطا قدراً معيناً من التسبيب أو صورة بعينها يجب أن يكون عليها الأمر بالتفتيش كما أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش من المسائل الموضوعية التى يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع([139]). هذا ولا يستلزم القانون تسبيب الأمر القضائى بالتفتيش إلا إذا كان منصباً على تفتيش المساكن لا الأشخاص([140]).
ثانياً : اشتراط أن يحضر التفتيش أشخاص معينون:
أصبح المجال الوحيد لمأمور الضبط القضائى لتفتيش مسكن المتهم هو حالة ندبه لذلك من سلطة التحقيق بعد الحكم بعدم دستورية المادة (47) إجراءات جنائية وبالتالى فقدان مبرر إعمال المادة (51) إجراءات جنائية التى كان مجال إعمالها المادة (47) المقضى بعدم دستوريتها وبذلك أصبح لزاماً على مأمور الضبط القضائى التقيد بنص المادة (92) إجراءات فقرة أولى المتعلقة بسلطة قاضى التحقيق فى مباشرة التفتيش ونص المادة (199) إجراءات التى أحالت إلى سلطات قاضى التحقيق عند بيانها اختصاصات النيابة العامة فى التحقيق([141]). فالمادة (92) تجيز إجراء التفتيش بحضور المتهم أو من ينيبه عنه غير أن هذه المادة لا تلزم مأمور الضبط القضائى بدعوة المتهم للحضور([142]).
ومع ذلك نرى أن حق الحضور الممنوح للمتهم يلزم مأمور الضبط القضائى بدعوته للحضور متى كان ذلك ممكناً ولكن لا يشترط أن تكون هذه الدعوة قبل بدء التفتيش بوقت كبير بل يمكن أن توجه الدعوة إلى الحضور قبل البدء فى التفتيش مباشرة حتى لا يضيع عنصر المفاجأة اللازم لنجاح التفتيش. فإذا تقاعس مأمور الضبط القضائى عن دعوة المتهم للحضور دون وجود مبرر أو كان المتهم موجوداً وقت حضور مأمور الضبط القضائى لإجراء التفتيش ولكن هذا الأخير منعه من حضور التفتيش دون مبرر لذلك بطل التفتيش([143]).
جزاء مخالفة قواعد الحضور:
موقف الفقه:
ذهب بعض الفقه إلى أن مخالفة قواعد الحضور ليس من شأنها أن ترتب البطلان وإنما يؤدى عدم مراعاتها إلى التوهين من قيمة التفتيش دوت التمادى إلى حد عدم الاعتداد به كلية والدليل على ذلك أن المشرع لم يشترط حضور المتهم وإنما اكتفى بإمكان حضوره فإجراء التفتيش بمعرفة مأمور الضبط القضائى هو أمر محفوف بالمخاطر من المتهم الذى يستلزم المشرع حضوره أو حضور أهله الأمر الذى قد يمكن هؤلاء الأفراد وذويهم من الاعتداء على أفراد القوة كلما لاح لهم بصيص من نور مهما ضعف.فتطلب حضور المتهم أو نائبه أو حضور شاهدين قد يؤدى إلى عرقلة إجراءات التفتيش([144])
أما الرأى الغالب فى الفقه فيرى أن مخالفة قواعد الحضور من شأنها أن ترتب البطلان([145]) وإن اختلف فى تحديد طبيعة هذا البطلان فالبعض يرى أنه بطلان مطلق يتعلق بالنظام العام متى خولفت قواعد الحضور المتعلقة بحضور المتهم أو نائبه أما إذا تعلق الأمر بعدم مراعاة قواعد الحضور المتعلقة بالشهود فالبطلان نسبى([146]) ويرى البعض الآخر أن البطلان المترتب على مخالفة قواعد الحضور هو بطلان نسبى سواء أتعلق الأمر بعدم حضور المتهم أو عدم حضور الشاهدين([147]).
موقف محكمة النقض:
أما محكمة النقض فقد ذهبت فى بادئ الأمر إلى أن حضور المتهم إجراءات التفتيش هو إجراء جوهرى يترتب على مخالفته البطلان([148]) ثم عادت محكمة النقض لتقرر عكس ما سبق أن قضت به فلم ترتب البطلان كجزاء على مخالفة قواعد الحضور([149]) وذلك فى ظل قانون تحقيق الجنايات
وقد استمر قضاء محكمة النقض سائداً فى ظل قانون الإجراءات الجنائية الحالى فلم ترتب البطلان على عدم حضور المتهم إجراءات التفتيش([150]).
رأينا فى جزاء مخالفة قواعد الحضور:
نرى مع من يرى ذلك([151]) أن المشرع جعل من قواعد الحضور شرطاً لصحة إجراءات التفتيش ذلك أن هذا الشكل مقرر لحماية حقوق المتهم والدفاع وأن انتهاك هذا الشكل الجوهرى من شأنه أن يرتب البطلان([152]).
وعلة اعتبار هذا الشكل أمراً جوهرياً هو أن مخالفته تؤدى إلى تخلف الغاية من العمل الإجرائى المتمثلة فى إتاحة الفرصة للمتهم لمواجهته بالدليل المترتب على هذا العمل وزيادة الثقة فى نتائج هذا الإجراء وهذه الغاية لا يمكن تحققها بدون مراعاة هذا الشكل الذى أوجبه القانون ألا وهو حضور المتهم أثناء التفتيش أو حضور نائبه أو شاهدين[153]. ومن ثم نرى أن مخالفة قواعد الحضور ترتب البطلان.
المراجع
1- الإجراءات الجنائية فى التشريع المصرى – دكتور/ حسن ربيع.
2- سلطات مأمور الضبط القضائى – دراسة مقارنة – رسالة دكتوراة – دكتور/ إبراهيم حامد مرسى طنطاوى – الطبعة الأولى 1993.
3- مبادئ الإجراءات الجنائية فى القانون المصرى – دكتور/ رؤوف عبيد – الطبعة السادسة عشر سنة 1985 – دار الجيل
4- الإجراءات الجنائية– دكتور/ محمد زكى أبو عامر–دار المطبوعات الجامعية 1984
5- شرح قانون الإجراءات الجنائية – دكتور/ محمود نجيب حسنى – الطبعة الثانية 1988 – دار النهضة العربية.
6- أصول الإجراءات الجنائية– دكتور/ حسن صادق المرصفاوى–مطبعة أطلس 1977
7- قانون الإجراءات الجنائية – دكتور/ حسن صادق المرصفاوى – منشأة المعارف بالإسكندرية 1981.
8- شرح قانون الإجراءات الجنائية – دكتور/ محمود محمود مصطفى – الطبعة الخامسة 1957.
9- قانون الإجراءات الجنائية – دكتور/ مأمون محمد سلامة – دار الفكر العربى – الطبعة الأولى 1980
10- مبادئ القسم العام من التشريع العقابى – دكتور/ رؤوف عبيد – دار الفكر العربى – الطبعة الرابعة 1979.
11- الشرعية الدستورية وحقوق الإنسان فى الإجراءات الجنائية – دكتور/ أحمد فتحى سرور – دار النهضة العربية 1995.
1 يعرفه الأستاذ الدكتور/أحمد فتحى سرور بأنه "إجراء من إجراءات التحقيق التى تهدف إلى ضبط أدلة الجريمة موضوع التحقيق وكل ما يفيد فى كشف الحقيقة ،وهو ينطوى على مساس بحق المتهم فى سرية حياته الخاصة" راجع: الوسيط فى قانون الإجراءات الجنائية – دار النهضة العربية سنة 1980 – ج1 – رقم256 – ص449.
وتعرفه الأستاذة الدكتورة آمال عثمان بأنه: "وسيلة للإثبات المادى تهدف إلى اكتشاف أشياء خفية أو أشخاص هاربين من وجه العدالة فهو وسيلة لإثبات أدلة مادية وقد يكون موضوعه شخصاً أو مكاناً".راجع: شرح قانون الإجراءات الجنائية– دار النهضة العربية سنة 1975–رقم261–ص305
ويعرفه الأستاذ الدكتور توفيق الشاوى بأنه: "الاطلاع على محل له حرمة خاصة للبحث عما يفيد التحقيق. ويعتبر من أخطر إجراءات التحقيق الجنائى لأنه يجمع بين استعمال السلطة وتقييد الحرية – وهما من خصائص الإجراءات الاحتياطية كالقبض والحبس – وبين جمع الأدلة". راجع: فقه الإجراءات الجنائية – دار الكتاب العربى – الطبعة الثانية – سنة 1954 – رقم313 – ص371.
ويعرفه الأستاذ الدكتور سامى الحسينى بأنه: "إجراء من إجراءات التحقيق تقوم به سلطة حددها القانون يستهدف البحث عن الأدلة المادية لجناية أو جنحة تحقق وقوعها فى محل خاص يتمتع بالحرمة بغض النظر عن إرادة صاحبه". راجع: النظرية العامة للتفتيش – رسالة دكتوراه – جامعة القاهرة – كلية الحقوق سنة 1972 – دار النهضة العربية سنة 1972 – رقم28 – ص37.
وتعرفه الأستاذة الدكتورة فوزية عبد الستار بأنه: "إجراء من إجراءات التحقيق يهدف إلى التوصل إلى أدلة جريمة ارتكبت فعلاً وذلك بالبحث عن هذه الأدلة فى مستودع السر سواء أجرى على شخص المتهم أو فى منزله دون توقف على إرادته" راجع: شرح قانون الإجراءات الجنائية – دار النهضة العربية 1986 – رقم253 – ص278/279.
ويعرفه الأستاذ الدكتور محمود مصطفى بأنه: "إجراء تحقيق يقوم به موظف مختص للبحث عن أدلة مادية لجناية أو جنحة وذلك فى محل خاص أو لدى شخص وفق الأحكام المقررة قانوناً" راجع: الإثبات فى المواد الجنائية فى القانون المقارن – مطبعة جامعة القاهرة – الطبعة الأولى سنة1978 – ج2 – رقم107 – ص14.
2 Les perquisitions et saisies; sont; non des preuves par elles memes mais des procedes tendant a ladecouverte et au recolement d"indices. Merle et vitu; OP. Cit; edition 1979; No.957; P.177.
3 نعيم عطية: حق الأفراد فى حياتهم الخاصة – مجلة إدارة قضايا الحكومة – أكتوبر وديسمبر 1977 – ع4 – ص80.
4 Larguier (Jean et Anne Marie); La protection des droits de l"homme dans le process penal; Rev. int. Dt. Pen; 1966; P.149.
5Garcon (Emile); Code penal annote; Paris; 1956; t.3, art 381 a 386; No. 81; P. 685
6 Garraud (R); Traite theorique et pratique de droit penal francais; Paris; 1935; t. 6; No. 2440; P. 191
7 فوزية عبد الستار: شرح قانون العقوبات – القسم الخاص – دار النهضة العربية سنة 1979 – رقم 69 – ص83.
8 محمود نجيب حسنى: شرح قانون العقوبات – القسم الخاص – دار النهضة العربية سنة 1986 – رقم 1200 – ص881.
9Michal(A);et Jaspor (J.P.);Traite theorique et pratique de droit criminal; Bruxelles.1952.t1;No. 1238; P. 367
10 ويذهب الأستاذ الدكتور حسن صادق المرصفاوى إلى أن اشتراط وحدة السور أمر لا لزوم له وإنما يكفى أن تعتبر جزءاً منه. راجع مؤلفه جرائم المال – مطبعة نهضة مصر سنة 1956/1957 – رقم 143 – ص70.
11 حسن صادق المرصفاوى: جرائم المال- مطبعة نهضة مصر سنة 1956/1957–رقم 142– ص69 ، فوزية عبد الستار: المرجع السابق – رقم 71 – ص84 ، محمود نجيب حسنى: المرجع السابق – رقم 1200 ص881
12 Garraud; Droit penal; OP.Cit,t.6, No.2440; P.189–Cass. Crim;24 Juin 1987.Rev.sc. Crim; 1989; P. 133 Obs. G. Levasseur
13 نقض 16/10/1944 – مجموعة القواعد القانونية – ج6 – رقم 376 – ص507.
14 Michal et Jaspor; Op. Cit; t.1; No. 1238; P. 367
15 نقض 6/1/1969 – أحكام النقض – س20 – ق1.
16 حسن صادق المرصفاوى: أصول الإجراءات الجنائية – منشأة المعارف بالإسكندرية – ص370.
17 نقض 17/3/1953 – س4 – رقم 226 – ص619 ، وفى نفس المعنى – نقض 18 مارس 1957 – س8 – رقم 74 – ص260.
18 Garcon; OP. Cit; t.1; art 194; No. 54; P. 729
19 Vassgone (Jean); repertoire; OP. Cit; Edition 1969; t.3; vo Violation du domicile; No. 31; P.3
20 Cass. Crim; 13Nov 1841. B. No. 323
21 المرصفاوى: أصول الإجراءات الجنائية – المرجع السابق – رقم 132 – ص290 ، آمال عثمان: شرح قانون الإجراءات الجنائية – دار النهضة العربية سنة 1975 – رقم 261 – ص306 ، عمر السعيد رمضان: قانون الإجراءات الجنائية – دار النهضة العربية سنة 1985 – رقم 210 – ص236 ، عوض محمد: الوجيز فى قانون الإجراءات الجنائية – دار المطبوعات الجامعية – رقم 224 – ص252 ، فوزية عبد الستار: شرح قانون الإجراءات الجنائية – دار النهضة العربية 1986 – رقم 254 – ص280 ، قدرى الشهاوى: الموسوعة الشرطية القانونية: عالم الكتب سنة 1977 – رقم 256 – ص272 ، محمد البندارى العشرى: التفتيش القانونى .. أحكامه وآدابه – مجلة الأمن العام – يوليو 1976 – ع74 – ص45/46 ، محمد زكى أبو عامر: الإجراءات الجنائية – دار المطبوعات الجامعية سنة 1984 – رقم 98 – ص281/282 ، محمود نجيب حسنى: شرح قانون الإجراءات الجنائية – دار النهضة العربية سنة 1982 – رقم 625 – ص594.
22 نقض 31/3/1959 – أحكام النقض – س10 – رقم 87 – ص391 ، نقض 17/12/1962 – س13 – رقم 205 – ص853 ، نقض 30/10/1967 – س18 – رقم 214 – ص1047 ، نقض 11/1/1979 – س30 – رقم 8 – ص54.
23 أحمد فتحى سرور: الوسيط فى قانون الإجراءات الجنائية – دار النهضة العربية سنة 1980 – ج1 – رقم261 – ص453.
24 ومع هذا لم يتطلب المشرع المصرى هذا الشرط فى المادة 61 من قانون العقوبات راجع: عمر السعيد رمضان: الأحكام العامة فى قانون العقوبات – دار المعارف – الطبعة الرابعة سنة 1962 – ص455.
25 Sermet (Ernest); L"etat de necessiten matiere criminelle; these; toulous; 1901; Paris; 1903; No.148; P.198
26 إبراهيم زكى أخنوخ: حالة الضرورة فى قانون العقوبات – رسالة دكتوراة – جامعة القاهرة – كلية الحقوق سنة 1969 – دار النهضة العربية سنة 1969 – ص235 – هامش 2
27 سامى الحسينى: النظرية العامة للتفتيش – رسالة دكتوراه – جامعة القاهرة – كلية الحقوق سنة 1972 – دار النهضة العربية سنة 1972 – رقم 61– ص85.
28 إبراهيم زكى أخنوخ: رسالته السابقة – ص234.
29 محمد مصطفى القللى: أصول قانون تحقيق الجنايات – مكتبة ومطبعة مصطفى الحلبى وأولاده – الطبعة الثالثة – سنة 1954 – ص224.
30 محمود مصطفى: شرح قانون الإجراءات الجنائية – الطبعة الخامسة سنة 1957 – مطبعة جامعة القاهرة – رقم 168 – ص167/168.
31 جندى عبد الملك: الموسوعة الجنائية – دار الكتب المصرية – الطبعة الأولى – سنة 1932 – ج2 – ص173.
32 المرجع السابق – ص284.
33 أحمد فتحى سرور: الوسيط – المرجع السابق – ج1 – رقم 261 – ص453.
34 هلالى عبد الله أحمد: المركز القانونى للمتهم – دار النهضة العربية – الطبعة الأولى – سنة 1989 – رقم 405 – ص611 ، وفى ذلك تقول محكمة النقض "إن دخول المنازل وغيرها من الأماكن لا بقصد تفتيشها ولكن تعقباً لشخص صدر أمر بالقبض عليه وتفتيشه من الجهة صاحبة الاختصاص لا يترتب عليه بطلان القبض والتفتيش الذى يقع على ذلك الشخص" نقض 11/1/1979 – أحكام النقض – س30 – رقم 8 – ص54.
35 عادل محمد فريد قورة: شرح قانون الإجراءات الجنائية – سنة 1987 – رقم 218 مكرر – ص374 ، إبراهيم حامد مرسى طنطاوى: سلطات مأمور الضبط القضائى – دراسة مقارنة – رسالة دكتوراة - الطبعة الأولى سنة 1993 – رقم 386 – ص722.
36 شرح قانون الإجراءات الجنائية – الطبعة الثانية سنة 1988 – دار النهضة العربية – رقم 625 – ص580/581.
37 وقد قالت محكمة النقض فى ذلك "دخول المنازل – وإن كان محظوراً على رجال السلطة العامة فى غير الأحوال المبينة فى القانون وفى غير حالة طلب المساعدة من الداخل وحالتى الغرق والحريق – إلا أن هذه الأحوال الأخيرة لم ترد على سبيل الحصر فى المادة (45) من قانون الإجراءات الجنائية بل أضاف النص إليها ما شابهها من الأحوال التى يكون أساسها قيام حالة الضرورة ومن بينها تعقب
موقف الفقه تجاه الرضا بالتفتيش:
الرضا بالتفتيش هو "التفتيش الذى يرضى به صاحب الشأن فيسمح بإجرائه طواعية واختياراً ويرضى بنتيجته سلفاً([64]) وقد اختلف الفقهاء فى شأن مشروعيته فذهب البعض إلى أن دخول مأمور الضبط القضائى منزل أحد المواطنين لإجراء تفتيش فى غير الأحوال التى بينها القانون يعد أمراً غير مشروع لا يمكن تلافيه وتصحيحه برضاء صادر عن رب المنزل لأن القواعد المتعلقة بدخول المنازل هى من قواعد النظام العام([65]).
وذهب البعض الآخر إلى القول بمشروعية الدخول والتفتيش الحاصل بناء على رضاء الشخص المعنى بالإجراء وذلك لأن كل شخص حر فى التنازل عن الضمانات المقررة لمصلحته التى يعد مثالاً لها الضمانة المتعلقة بحصانة المسكن([66]).
ونرى أن حصانة المسكن تهدف إلى حماية الحق فى السر وممارسة هذا الحق ما هو إلا رخصة للفرد له الحرية الطلقة فى استعمالها أو عدم استعمالها ومتى شاء استعملها وسمح للغير بالاطلاع على ما كانت تحميه قواعد حماية الحق فى السر فمعنى ذلك أن محل الاطلاع لم يعد سراً وبالتالى لم يعد هناك مجال للتحدث عن القواعد التى تحمى السر. فضمانات السر إنما وضعت لحمايته من أى إفشاء ضد إرادة صاحبه وما دام صاحبه قد رضى بإفشائه فلا يعد سراً وأصبح السماح بمعرفته ضرباً من ضروب الاطلاع ولم يعد الأمر يتعلق بتفتيش قانونى([67]).
شروط صحة الرضاء:
استقرت أحكام القضاء المصرى على أن الرضاء بالتفتيش المخالف للقانون يحول دون الدفع ببطلانه([68]) ولكى يكون الرضاء مانعاً من الدفع ببطلان التفتيش لابد من توافر عدة شروط للقول بصحته:
أولاً: أن يصدر الرضاء عن إرادة مميزة:
فالرضاء هو نوع من القبول ولا يعتد القانون بكل قبول بل لابد من أن يكون هذا القبول صادر عن شخص مميز. فلا يعتد برضاء المجنون لأنه ليس مدركاً لمصلحته ويذهب الفقه إلى أنه يتعين للاعتداد برضاء الشخص أن يكون بالغاً من العمر أربعة عشر سنة وقت صدور القبول منه باعتبار أن هذه السن هى سن الأهلية للشهادة([69]).
ثانياً : أن يكون الرضاء صريحاً:
إن القضاء المصرى اتجه منذ البداية إلى اشتراط أن يكون الرضاء بالتفتيش صريحاً ولم يعتد بالرضاء الضمنى لأنه قد يكون مبعثه الخوف والاستسلام([70]). غير أن مجرد كون الرضاء صريحاً لا يكفى لصحته بل لابد من أن يكون الرضاء حراً([71]).
ويعنى ذلك أن من رضى لم يكن خاضعاً لأى تأثير خارجى من شأنه أن يؤثر فى إرادته إلى الحد الذى لا يعتد به القانون. وهذا الإكراه قد يكون مادياً كتكبيل المتهم بالقيود الحديدية مما يدفعه إلى الرضاء حتى تفك قيوده. وقد يكون الإكراه معنوياً كتهديد المتهم باصطحابه إلى قسم الشرطة وحجزه فيه إن لم يرضى. ولا يعتبر من قبيل الإكراه مجرد الخوف الذى تملك المتهم من مفاجأة رجال البوليس له([72]). وكذلك فإن سلطان الوظيفة ذاته بما يسبغه على صاحبه من سلطات واختصاصات لا يعد إكراهاً ما دام لم يستطل بالأذى – مادياً أو معنوياً – إلى المتهم.
ثالثاً : أن يصدر الرضاء عن علم بظروف التفتيش:
يقصد بذلك علم الشخص المعنى بالإجراءات بعدم قانونية التفتيش وعدم جواز إجرائه وأن من حقه رفض السماح لمأمور الضبط القضائى بالدخول لإجرائه([73]).
لذلك نرى أن العلم بظروف التفتيش يلقى على عاتق مأمور الضبط القضائى بالتزام قانونى يتمثل فى تنبيه الشخص المعنى بالإجراء إلى عدم مشروعيته وأن من حقه رفض السماح له بالدخول([74]) فإذا وقف مأمور الضبط القضائى موقفاً سلبياً وامتنع عن تنبيه الشخص المعنى بالإجراء إلى ذلك بطل دخوله ولو اعتقد الشخص المعنى مشروعية هذا الدخول([75]) وعلى قاضى الموضوع أن يبين فى حكمه توافر الشروط السابقة اللازمة للقول بصحة الرضاء([76]). وما دمنا نتطلب العلم بظروف التفتيش – أو الإجراء بصفة عامة – المخالف للقانون فإن هذا العلم ينبغى أن يكون سابقاً على مباشرة الإجراء([77]). وعلى ذلك فإن الرضاء اللاحق على مباشرة الإجراء والصادر من صاحب الشأن ليس من شأنه أن يضفى المشروعية على هذا الإجراء لأنه لا يمكن القول فى هذه الحالة بتحقيق العلم بظروف التفتيش إذ العبرة فى الاعتداد بهذا العلم أن يكون سابقاً على مباشرة الإجراء وليس لاحقاً على مباشرته.
وقد أجملت محكمة النقض المصرية الشروط السابقة فى العديد من أحكامها([78]) وبينت هذه الشروط فى حكم حديث لها حيث قضت: "أن القيود الواردة على تفتيش المنازل والحماية التى أحاط بها الشارع تسقط عنها حين يكون دخولها بعد رضاء أصحابها رضاءً حراً لا لبس فيه حاصل منهم قبل الدخول بعد إلمامهم بظروف التفتيش والغرض منه. وبعدم وجود مسوغ يخول من يطلبه سلطة إجرائه ويستوى بعد ذلك أن يكون ثابتاً بالكتابة أو تستبين المحكمة ثبوته من وقائع الدعوى وظروفها([79]).
ممن يصدر الرضاء ؟؟
لا قيمة للرضاء إلا إذا صدر من صاحب الحق فى حرمة المسكن الذى يراد الدخول إليه([80]) وهذا الشخص هو الحائز للمسكن الذى يراد الدخول إليه. لذلك فإن غير الحائز لا يملك إباحة الاطلاع على المكان. لذا قضى ببطلان تفتيش غرفة أحد نزلاء فندق متى أجرى هذا التفتيش بغير الحصول على رضائه ولو كان مدير الفندق قد رضى بتفتيشها([81]).
فإذا كان حائز المكان غير موجود فيتعين صدور الرضاء ممن يقوم مقامه فى حيازة المكان لذلك كان رضاء زوجة صاحب المسكن سنداً لصحة هذا التفتيش([82]) وكذلك رضاء الابن المقيم فى المنزل مع والده([83]) ويشترط لصحة الرضاء الصادر عنه بلوغه سن الرابعة عشرة حتى يصبح أهلاً لتحمل الشهادة([84]) وأيضاً لوالد الحائز للمنزل والمقيم فيه أن يرضى بتفتيشه([85]).
وصلة القرابة – مجردة – لا تكفى لتوافر الحيازة([86]) وبالتالى للقول بصحة الرضاء ما دامت لا تقترن بالإقامة الفعلية فى المسكن([87]) كذلك لا يعتد برضاء خادم حائز المكان أو الخفير أو العامل فيه لأنهم ليسوا حائزين حيازة فعلية للمكان([88]) بل إن حيازتهم عارضة.
أثر توافر الرضاء الصريح بالنسبة لمباشرة الإجراء ذاته:
متى توافرت الشروط السابقة صح الرضاء وصحت بالتالى إجراءات التفتيش المستندة إلى هذا الرضاء. ويستوى فى ذلك أن يكون القائم بالتفتيش من مأمورى الضبط القضائى أو من رجال السلطة العامة أو فرد من الأفراد العاديين([89]).
ولكن هل يجوز لمن رضى سحب رضاءه أثناء مباشرة الإجراء وبالتالى يتعين على القائم بالتفتيش التوقف عن متابعة إجراءاته ؟؟
يذهب الرأى الغالب إلى عدم جواز سحب الرضاء بعد صدوره([90]) لأن المادة 184 عقوبات فرنسى تعاقب على الدخول غير المشروع وبالتالى يخرج عن نطاق تطبيقها الدخول المقترن بالرضاء لأنه دخول مشروع ومن ثم لن تكون هناك فائدة من تقرير عدم مشروعية التفتيش لعدم إمكان توقيع عقوبة المادة 184 عقوبات([91]).
بينما يذهب رأى آخر إلى جواز سحب الرضاء ولا خشية من عدم توقيع عقوبة المادة 184 لأنه إذا كان الدخول فى حد ذاته صحيحاً وبالتالى لن توقع عقوبة انتهاك حرمة ملك الغير فإن ذلك لا يحول دون تقرير عدم مشروعية التفتيش وبالتالى إهدار الدليل الناتج عن إجراءات التفتيش اللاحقة على سحب الرضاء([92]).
ونرى عدم جواز سحب الرضاء بعد صدوره مع من يرون ذلك فما دام الشخص قد رضى فعليه أن يتحمل تبعة رضائه والقول بغير ذلك يجعل عمل مأمور الضبط خاضعاً لأمزجة الأفراد ويفتح المجال على مصراعيه للادعاء بسحب الرضاء تخلصاً من جريمة ضبطت فى منزل الشخص الذى رضى فى البداية بإجراء التفتيش([93]).
مدى لزوم الكتابة لإثبات صحة الرضاء:
اتجه القضاء المصرى إلى أنه لا يشترط فى الرضاء أن يكون ثابتاً كتابة إذ يكفى أن تستظهر المحكمة الرضاء بالتفتيش من وقائع الدعوى وظروفها([94]).
وإن كان البعض قد انتقد ذلك ويرى وجوب إثبات الرضاء بالكتابة فى محضر التفتيش وأن يوقع عليه ممن رضى([95]) واستحسن البعض الآخر ذلك([96]) ولكن القانون لم يشترط طريقاً معيناً لإثبات رضاء صاحب الشأن بالتفتيش ومن ثم كان تقدير الرضاء من سلطة محكمة الموضوع ولا شأن لمحكمة النقض معها فى ذلك متى كان الاستدلال سليماً فإثبات الرضاء فى محضر التحقيق لا يلزم محكمة الموضوع بالتسليم به لأن أساس المحاكمة الجنائية حرية القاضى فى تكوين عقيدته من التحقيق الشفهى الذى يجريه بنفسه ويديره ويوجهه الوجهة التى يراها موصلة للحقيقة أما التحقيقات الأولية السابقة على المحاكمة فليست إلا من عناصر الدعوى فيأخذ بها القاضى متى اطمأن إليها ويطرحها إذا لم يصدقها وللقاضى أن يستنتج الرضاء من وقائع الدعوى([97]).
أما قانون الإجراءات الجنائية الفرنسى فقد استلزمت المادة 76 منه صدور الرضاء كتابة من الشخص المعنى واشتراط كتابة الرضاء لا يعنى أن يكون محرراً بخط يد الشخص المعنى بل يمكن أن يكون مطبوعاً وموقعاً عليه ممن رضى([98]) فإذا كان الشخص المعنى بالإجراء لا يعرف الكتابة فيمكن أن يكون الرضاء شفاهة على أن يشهد اثنان من الشهود من أقاربه بصدور هذا الرضاء منه وتثبت شهادتهما فى محضر التفتيش([99]) ومما هو جدير بالذكر أن الرضاء لا يقتصر أثره فى إباحة تفتيش المسكن بل يجوز للشخص أن يرضى بتفتيش شخصه([100]) وسيارته([101]).
الفصل الثانى
دخول وتفتيش المساكن بإذن قضائى
راعى المشرع حرمة المسكن على أساس أنها المكان الذى يطمئن فيه الشخص فنص فى المادة (44) من دستور جمهورية مصر على أن "للمساكن حرمة فلا يجوز دخولها ولا تفتيشها إلا بأمر قضائى مسبب وفقاً لأحكام القانون".
وبذلك فقد قرر الدستور مبدأً عاماً لا يجوز مخالفته وهو اقتصار دخول وتفتيش المساكن بواسطة السلطات العامة على الحصول على إذن قضائى مسبب وبذلك فإن أى دخول أو تفتيش بدون هذا الإذن المسبب يعتبر باطلاً وخصوصاً بعد الحكم بعدم دستورية المادة (47) من قانون الإجراءات الجنائية والتى كانت تجيز تفتيش مسكن المتهم عند حدوث حالة التلبس مما عزز الشرعية الدستورية التى تبنى عليها الأساس القانونى لمختلف التشريعات.
والتفتيش هو أحد أهم إجراءات التحقيق الابتدائى فثمرته هى ضبط الأشياء المتعلقة بالجريمة والتى تفيد فى كشف الحقيقة وهذه الأشياء قد تستمد منها أهم أدلة الجريمة إذ قد تكون أداة ارتكابها أو موضوعها أو متحصلاتها.
وقد وردت فى شأن تفتيش المساكن المادتين (91) ،(92) من قانون الإجراءات الجنائية واللتان أجملتا شروط التفتيش الموضوعية والشكلية فنصت المادة (91) من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديلها بالقانون رقم (37) لسنة 1972 على أن: "تفتيش المنازل عمل من أعمال التحقيق ولا يجوز الالتجاء إليه إلا بمقتضى أمر من قاضى التحقيق بناء على اتهام موجه إلى شخص يقيم فى المنزل المراد تفتيشه بارتكاب جناية أو جنحة أو باشتراكه فى ارتكابها أو إذا وجدت قرائن تدل على أنه حائز لأشياء تتعلق بالجريمة.
ولقاضى التحقيق أن يفتش أى مكان ويضبط فيه الأوراق والأسلحة وكل ما يحتمل أنه استعمل فى ارتكاب الجريمة أو نتج عنها أو وقعت عليه وكل ما يفيد فى كشف الحقيقة.
وفى جميع الأحوال يجب أن يكون أمر التفتيش مسبباً".
ونصت المادة (92) من قانون الإجراءات الجنائية على: "يحصل التفتيش بحضور المتهم أو من ينيبه عنه إن أمكن ذلك.
وإذا حصل التفتيش فى منزل غير المتهم يدعى صاحبه للحضور بنفسه أو بواسطة من ينيبه عنه إن أمكن ذلك".
وسنتعرض بشئ من التفصيل للشروط الموضوعية والشروط الشكلية([102]) الواردة بنص المادتين سالفتى البيان.
المبحث الأول
الشروط الموضوعية لتفتيش المساكن
وهذه الشروط هى سبب التفتيش وموضوعه والغاية المستهدفة منه.
أولاً : سبب التفتيش:
سبب التفتيش هو "الواقعة المنشئة للسلطة فى التفتيش" أى الواقعة التى تخول المحقق الحق فى أن يصدر الأمر بالتفتيش([103]) وقد حدد الشارع سبب التفتيش بأنه "اتهام موجه إلى شخص يقيم فى المنزل المراد تفتيشه بارتكاب جناية أو جنحة أو إذا وجدت قرائن تدل على أنه حائز لأشياء تتعلق بالجريمة "وهذا الشرط يتكون من العناصر الآتية: ارتكاب جريمة فعلاً ووصف هذه الجريمة بأنها "جناية أو جنحة" وتوجيه الاتهام إلى الشخص المقيم فى المسكن بارتكاب هذه الجريمة أو وجود قرائن تدل على حيازته لأشياء تتعلق بها.
1) يتعين أن تكون ثمة جريمة قد ارتكبت فعلاً:
وهذا الشرط مستخلص من تكييف التفتيش بأنه "عمل تحقيق" وما يفترضه كل تحقيق من ارتكاب جريمة سابقة. وبناء على أن التفتيش هو عمل تحقيق فإنه يخضع للقواعد العامة التى يخضع لها التحقيق الابتدائى وقد أراد الشارع بهذا التكييف أن ينفى عن التفتيش أن يكون "عمل استدلال". وثمة نتائج هامة تترتب على هذا التكييف: فلا يجوز أن تجريه –كقاعدة عامة – إلا سلطة تحقيق([104]).
ويفترض فى التفتيش ارتكاب جريمة إذ التحقيق يفترض جريمة سابقة ومن ثم لم يكن جائزاً احتياطاً لجريمة مستقبلة يحتمل ارتكابها. وإذا علق القانون تحريك الدعوى الجنائية على تقديم شكوى أو طلب أو صدور إذن فلا يجوز إجراؤه قبل ذلك([105]) وباعتبار التفتيش عمل تحقيق فإنه يحكمه مبدأ الحياد والموضوعية الذى يهيمن على التحقيق الابتدائى فلا يجوز أن تنحصر غايته فى ضبط الأشياء التى تثبت إدانة المتهم وإنما على المحقق أن يتحرى كذلك العثور على أشياء قد تثبت براءة المتهم أو تخفف مسئوليته([106]).
وعن طريق التحقيق السابق للتفتيش – وما قد يصاحبه من إجراءات استدلال مختلفة – سيتبين للمحقق ما إذا كانت هناك دلائل كافية على أن المتهم المراد تفتيشه أو تفتيش منزله يحتمل أن يحوز أشياء تتعلق بالجريمة أو لا يحتمل ذلك وأمر تقدير هذه الدلائل موكول للمحقق تحت إشراف محكمة الموضوع([107]) ولم يشترط الشارع للتحقيق السابق أن يكون قد كشف عن قدر معين من أدلة الإثبات أو أن يكون قد قطع مرحلة معينة بل ترك ذلك لتقدير سلطة التحقيق لكى لا يكون من وراء غل يدها احتمال فوات الغرض منه مما تتأثر به مصلحة الجماعة التى تسمو على مصلحة الفرد([108]).
ولا يجوز أن يتخذ التفتيش وسيلة لاكتشاف الجرائم وضبط مرتكبيها وإنما محل هذا هو جمع الاستدلالات. فالبلاغ عن الجريمة وحده لا يكفى لإجراء التفتيش وإنما يجب أن تقوم دلائل قوية ضد شخص معين بأن له يداً فى ارتكابها حتى يصح تفتيش مسكنه أى أن التفتيش لا يكون إلا بعد ارتكاب الجريمة فلا يصح مباشرته لجريمة مستقبلة ولو قامت التحريات والدلائل الجدية على أنها ستقع بالفعل([109]). واستمرار التحريات بعد صدور الإذن بالتفتيش مفاده تعقب المتهمين والوقوف على مكان تواجدهما تحقيقاً لغرض ضبطهما ولا يدل على عدم جدية التحريات السابقة على صدور الإذن([110]). وصدور الإذن بناء على تحريات ضابط المباحث بحثاً عما يحرزه المتهم من مخدر لا يعنى أن الإذن إنما صدر للكشف عن جريمة لم تبرز إلى حيز الوجود([111]) واستعمال عبارة ما قد يوجد لدى المتهم من مواد مخدرة فى إصدار الإذن لا ينصرف إلى احتمال وقوع جريمة إحراز المخدر أو عدم وقوعها قبل صدوره إنما ينصرف إلى نتيجة التفتيش وهى دائماً احتمالية([112]) ويجب أن يظهر من الظروف أن هناك فائدة يحتمل أن تظهر من وراء التفتيش وإلا كان المساس بحرمة المسكن بغير مبرر([113]).
ويكفل هذا الشرط – أن تكون هناك جريمة قد ارتكبت فعلاً – حصر نطاق التفتيش فى المجال المحدود الذى تقتضيه مصلحة المجتمع فهذا الإجراء لخطورته (ومساسه بحرمة المسكن) لا يجوز إلا إذا ارتكبت جريمة ومن أجل البحث عن أدلتها ومن ثم فإن مصلحة المجتمع لا تقتضيه لمجرد التحوط لجريمة مستقبلة وبالإضافة إلى ذلك فإن هذا الشرط يضفى على سبب التفتيش الضبط والتحديد ([114]).
وتطبيقاً لذلك فإن أمر التفتيش الذى يصدر فى شأن جريمة لم ترتكب بعد ولكن ارتكابها فى مستقبل قريب راجح أو مؤكد هو أمر باطل فإذا صدر الأمر بتفتيش مسكن لأن التحريات دلت على أن الشخص المقيم فيه سيحوز فى اليوم التالى مواد مخدرة عقد العزم على شرائها أو أنه سيتقاضى مبلغاً على سبيل الرشوة فالأمر فى الحالتين باطل ويبطل التفتيش ذاته وما يتولد عنه من أدلة.
2) يتعين أن تكون الجريمة جناية أو جنحة:
حصر الشارع نطاق التفتيش فى الجنايات والجنح لخطورتها ولم يجزه فى المخالفات لضآلة أهميتها. ولكن جميع الجنح يجوز فيها التفتيش ولو كانت عقوبتها الغرامة فقط. وإذا اعتقد المحقق – لأسباب كافية – أن الجريمة جنحة فأمر بالتفتيش فالأمر صحيح ولو قضى بعد ذلك باعتبارها مخالفة إذ العبرة فى صحة الإجراء بتحقق سببه – من حيث الظاهر – وقت اتخاذه.
3) توجيه الاتهام إلى الشخص المقيم فى المسكن أو وجود قرائن ضده بإخفائه فى مسكنه أشياء متعلقة بالجريمة:
يشترط لجواز تفتيش المسكن أن يكون هناك اتهام قائم ضد شخص معين يقيم فيه ويستوى فى هذا أن يكون دوره فى الجريمة كفاعل أصلى أو شريك([115]) وتحديد المتهم حائز المسكن يكفى فيه تحديد شخصيته بشكل واف يمنع كل خلط بينه وبين غيره ويفيد أنه هو بذاته المطلوب تفتيش مسكنه فالخطأ فى اسمه لا يقدح فى صحة التفتيش([116]).
وكذلك يكون التفتيش صحيحاً لو صدر أمر الندب باسم اشتهر به المتهم([117]) وإغفال ذكر اسم الشخص فى الأمر الصادر بتفتيشه اكتفاء بتعيين مسكنه لا ينبنى عليه بطلانه متى ثبت للمحكمة أن الذى تم تفتيشه وتفتيش مسكنه هو بذاته المقصود بأمر التفتيش([118]).
ولا يكفى أن توجه التهمة إلى الشخص كما يبدو من ظاهر النص بل يجب أن يكون الاتهام جدياً قامت عليه من الدلائل ما يكفى لاقتحام مسكنه الذى حفظت له القوانين حرمته([119]). وتقدير الدلائل متروك للنيابة تحت رقابة محكمة الموضوع التى إن استظهرت عدم جدية الدلائل كان لها أن تعتبر التفتيش باطلاً وتلتفت عن الدليل المستمد منه([120]).
ويجب أن يكون التفتيش منصباً على مسكن معين بالذات فلا يجوز أن يكون التفتيش عاماً بحيث يشمل مساكن جميع الأشخاص المقيمين فى حى معين أو قرية معينة لأنه لا يصح إلا عن جريمة محددة مع توافر قرائن قبل المتهم وهو أمر غير مقبول فى الصورة التى عرضناها([121]).
وتعيين مسكن المتهم يقصد به تعريفه على وجه دقيق لا يحتمل الخلط أو اللبس([122]) ويكون هذا ببيان اسم المتهم والشارع الذى يقع به المنزل ورقمه والشقة التى يسكن فيها. فيجب أن يعين مسكن المتهم ببيان دقيق يرفع كل خلط أو لبس ولا يقدح فى تحديد المسكن نقص بعض البيانات متى كانت باقيها كافية لتحديد أين يقطن المتهم فمثلاً يجوز أن ينصب أمر الندب للتفتيش على الدور السادس من المنزل الواقع فى نهاية شارع كذا أو الشقة التى سيدخلها المتهم فى الساعة المعينة من المنزل الواقع فى نهاية شارع كذا أو الشقة التى سيدخلها المتهم فى الساعة المعينة من المنزل رقم كذا وهذا متى كان من غير الميسور معرفة الشقة التى يقصدها. ومجرد الخطأ المادى فى ذكر اسم الشارع الذى يقع به حانوت الطاعن فى محضر التحريات لا يقطع بذاته فى عدم جدية ما تضمنه من تحر([123]).
حالتا التفتيش:
لتفتيش المساكن حالتان: تفتيش مسكن المتهم نفسه وتفتيش مسك غير المتهم فالحالة الأولى تفترض توجيه الاتهام إلى الشخص المقيم فى المسكن بارتكابه الجناية أو الجنحة كفاعل لها أو شريك فيها والحالة الثانية تفترض حيازة المقيم فى المسكن لأشياء تتعلق بالجريمة([124]).
وفى الحالتين يتعين أن تتوافر الدلائل الكافية على المساهمة فى الجريمة أو حيازة الأشياء المتعلقة بها. ولهذا التمييز أهميته من حيث تحديد السلطة المختصة بالتفتيش فإذا كان محل التفتيش هو منزل المتهم جاز لقاضى التحقيق والنيابة العامة كذلك أن تجريه بنفسها أو تأذن به لأحد مأمورى الضبط إذا توافرت شروط التفتيش الموضوعية والشكلية وهذا الحق ممنوح لقاضى التحقيق بمقتضى المادتين (91) ،(94) إجراءات جنائية وهو ممنوح للنيابة العامة بمقتضى هذه المواد ذاتها والمادة (199) إجراءات جنائية التى أحالت عليها.
أما إذا كان محل التفتيش هو منزل غير المتهم فإن سلطة النيابة العامة فى اتخاذ إجراء التفتيش أو الإذن لأحد مأمورى الضبط به مقيدة فى القانون على عكس السلطة المخولة لقاضى التحقيق وقد أجازت المادة (206) إجراءات للنيابة العامة مباشرة هذا الإجراء أو الإذن به فى تقريرها أنه لا يجوز للنيابة العامة تفتيش غير المتهم أو منزل غير منزله إلا إذا اتضح من إمارات قوية أنه حائز لأشياء تتعلق بالجريمة بشرط الحصول مقدماً على أمر مسبب من القاضى الجزئى بعد اطلاعه على الأوراق على أساس أن التفتيش يقع على منزل غير المتهم فينبغى لهذا السبب أن يحاط بضمانات كافية تسمح بمراجعة تقدير النيابة العامة لجدوى هذا الإجراء وضرورته([125]).
ثانياً : موضوع التفتيش:
موضوع التفتيش هو المسكن بأجزائه كافة والمسكن هو مكان خاص ولكن ليس كل مكان خاص مسكناً فشرط المسكن هو تخصيصه للإقامة وما عدا المسكن من الأماكن الخاصة كالمكان الخاص فى متجر أو عيادة طبيب أو السيارة الخاصة لا يخضع تفتيشه لقواعد تفتيش المساكن وإنما يرتبط تفتيشه بتفتيش شخص حائزه فجواز تفتيش الشخص يرتبط به جواز تفتيش ما يحوزه من أماكن خاصة عدا مسكنه.
ويخرج الفقهاء عادة من عداد الأماكن التى يجوز تفتيشها مقار البعثات الدبلوماسية والقنصلية ومساكن أعضاء مجلس الشعب ومكاتب المحامين بالنسبة لما قد تحتويه من مراسلات بين المتهم ومحاميه([126]).
وهذا التكييف صحيح بالنسبة لمقار البعثات الدبلوماسية والقنصلية فلها فى ذاتها حصانة مكانية استناداً إلى عرف دولى مستقر وبالإضافة إلى ذلك فإن هذه المقار ليست مساكن ومن ثم لا محل لتطبيق الأحكام الخاصة بتفتيش المساكن عليها. أما مساكن أعضاء مجلس الشعب فليست لها فى ذاتها حصانة وإنما حظر تفتيشها فرع عن حصانة النائب الشخصية وما يترتب عليها من حظر اتخاذ الإجراءات الجنائية ضده ومن هذه الإجراءات تفتيش مسكنه والدليل على ذلك أنه إذا ارتفعت الحصانة جاز التفتيش.
ولا حصانة لمكتب المحامى فى ذاته وإن اشترطت إجراءات معينة فى تفتيشه (بالإضافة إلى أن مكتب المحامى ليس مسكناً فلا تسرى عليه القواعد الخاصة بتفتيش المساكن) وإنما تنتفى الغاية المشروعة للتفتيش إذا كان يستهدف مجرد ضبط المراسلات المتبادلة بين المحامى والمتهم الذى وكله عنه إذ أن هذا الضبط غير جائز والدليل على ذلك أنه إذا استهدف التفتيش غاية مشروعة كان التفتيش جائزاً كما لو وجه الاتهام إلى المحامى نفسه واستهدف التفتيش ضبط الأشياء المتعلقة بجريمته.
الوضع بالنسبة لمكاتب المحامين وعيادات الأطباء:
يلحق بالأمكنة التى تسبغ عليها الحماية ضد التفتيش فى غير الأحوال المقررة بالقانون مكاتب المحامين وعيادات الأطباء([127]) فإنها فى غير أوقات العمل تكتسب حرمة خاصة إذ تعتبر حينئذ مستودعاً لسر لا يباح لأى فرد الاطلاع على ما بداخله. فالدخول إلى تلك الأماكن فى أوقات العمل يباح فقط لأفراد معينين يحضرون ابتغاء الإفادة من تلك المكاتب أو العيادات وإذن فدخولها لسبب مشروع فى أوقات العمل لا يجيز التفتيش ولكن إن وجدت عرضاً جريمة وكانت فى حالة تلبس فإنه يترتب عليها مختلف آثار التلبس([128]). أما إذا كان الدخول فى أوقات العمل ابتغاء التفتيش فى غير الأحوال الجائزة قانوناً فإن هذا الإجراء يعتبر باطلاً وكذلك ما يترتب عليه لأن إباحة الدخول أساسها رضاء من جانب صاحب المكان وهو لم يرضى إلا لمن يبغى الدخول للإفادة بخبرته أما غيره فلا يعد قابلاً لوجوده فى المكان أى أن دخوله بغير سبب مشروع ومن ثم إن وجدت جريمة وكانت فى حالة تلبس فإن كل ما يترتب عليها من آثار يكون باطلاً.
وقد حظرت الفقرة الأولى من المادة (51) من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 ندب مأمورى الضبط القضائى لتفتيش مكاتب المحامين حيث نصت على "لا يجوز التحقيق مع محام أو تفتيش مكتبه إلا بمعرفة أحد أعضاء النيابة العامة". ووفقاً لهذا النص يتعين على النيابة العامة أن تقوم بإجراء تفتيش مكاتب المحامين بنفسها ويمتنع عليها ندب مأمور الضبط القضائى لذلك. فإذا قامت النيابة بندب أحد مأمورى الضبط لإجراء تفتيش مكتب أحد المحامين كان الندب باطلاً وامتد هذا البطلان إلى التفتيش الذى تم تنفيذاً للندب([129]).
والعلة التى دعت المشرع إلى قصر مباشرة هذا الإجراء بمعرفة النيابة هى رغبته فى حماية حقوق الدفاع([130]) فالمشرع قدر أن النيابة العامة هى الجهة الأقدر على احترام حقوق الدفاع أما مأمورو الضبط فقد يهدرون حقوق الدفاع بضبط ما يقع تحت أيديهم من وثائق دون تمييز لخشيتهم من أن يتركوا ما يساعد على إجلاء الحقيقة([131]).
والحكمة التى دعت إلى قصر هذا الإجراء على النيابة لا تنتفى بالنسبة لقاضى التحقيق لأنه كجهة تحقيق أقدر أيضاً على حماية حقوق الدفاع وخاصة فيما يتعلق بالسر المهنى.
ولا يلتزم عضو النيابة بأن يجرى تفتيش مكتب أحد المحامين بحضور نقيب المحامين أو من يمثله لأن الفقرة الثانية من المادة (51) وإن كانت ألزمت النيابة بإخطار مجلس نقابة المحامين أو مجلس النقابة الفرعية قبل الشروع فى تحقيق أى شكوى ضد محام بوقت مناسب وأجازت للنقيب أو من يمثله حضور التحقيق فإن ذلك مقصور على إجراء الاستجواب فحسب والدليل على ذلك أن الفقرة الأولى فرقت بين التفتيش والتحقيق ثم جاءت الفقرة الثانية لتقرر حق النقيب فى حضور التحقيق الذى يجرى مع محام بسبب شكوى مقدمة ضده أو إذا كان متهماً بجناية أو جنحة ولم تشر هذه الفقرة إلى حق النقيب فى حضور التفتيش.
ولا يقتصر حظر ندب مأمور الضبط القضائى لإجراء التفتيش بالنسبة لمكاتب المحامين فقط بل يشمل هذا الحظر ندبه لتفتيش مقار نقابة المحامين ونقاباتها الفرعية فتفتيش هذه الأماكن يجب أن يتم بمعرفة سلطة التحقيق ذاتها. كما أنه لا يجوز إجراء هذا التفتيش إلا بحضور نقيب المحامين أو نقيب النقابة الفرعية أو من يمثلها.
ويشمل هذا الحظر كذلك ندب مأمور الضبط لوضع الأختام على هذه الأماكن ويترتب على مخالفة هذا النص بطلان إجراء التفتيش أو إجراء وضع الأختام الذى اتخذ بمعرفة مأمور الضبط القضائى.
ثالثاً : الغاية من التفتيش:
الغاية من التفتيش هى ضبط الأشياء التى يمكن أن يستعين بها المحقق فى كشف الحقيقة فى شأن الجريمة موضوع التحقيق واستهداف هذه الغاية هو علة مشروعية التفتيش ومنها تستلهم أهم القواعد التى تحكمه([132]) وقد أجاز القانون لسلطة التحقيق أن تضبط جميع الأشياء المتعلقة بالجريمة والتى تفيد فى كشف الحقيقة عنها وعن مرتكبها كما أجاز لها مراقبة المحادثات. فلسلطة التحقيق – على ما تقضى به المادة (91) – أن تفتش أى مكان وأن تضبط فيه الأوراق والأسلحة وكل ما يحتمل أنه استعمل فى ارتكاب الجريمة أو نتج عنها أو وقعت عليه وكل ما يفيد فى كشف الحقيقة كما أجاز لها بمقتضى المادة (206/2) إجراءات أن تضبط لدى مكاتب البريد جميع الخطابات والرسائل والجرائد والمطبوعات والطرود ولدى مكاتب البرق جميع البرقيات وأن تراقب المحادثات السلكية واللاسلكية وأن تقوم بتسجيلات لمحادثات جرت فى مكان خاص.
والضبط معناه وضع اليد على شئ يتعلق بجريمة وقعت ويفيد فى كشف الحقيقة عنها وعن مرتكبيها يستوى أن يكون هذا الشئ عقاراً أو منقولاً مملوكاً للمتهم فى الجريمة أو لغيره موجوداً فى حيازته أو فى حيازة غيره وأياً ما كان نوع الشئ أو قيمته ما دام متعلقاً بالجريمة من جهة ويفيد فى كشف الحقيقة من جهة أخرى.
وضبط الأشياء أى وضع اليد عليها يفترض أن تكون هذه الأشياء مادية لأن الأشياء المعنوية لا تصلح محلاً لوضع يد لكنها تصلح محلاً "لمراقبة" وهو ما أجازه القانون – بشروط خاصة – بالنسبة للمحادثات السلكية واللاسلكية أو التى تجرى فى مكان خاص.
وعندما يقوم مأمور الضبط القضائى بتنفيذ إجراء التفتيش والضبط عند ندبه لذلك من سلطة التحقيق فإنه يكون له الاختصاصات ذاتها التى لسلطة التحقيق فى حدود ندبه ويتقيد بالقيود التى ترد عليها([133]) ولما كانت سلطة التحقيق تملك الاطلاع على الأوراق المضبوطة ولو كانت مغلقة فقد يتبادر إلى الأذهان أن مأمور الضبط القضائى فى حالة ندبه لإجراء التفتيش يملك الاطلاع على الأوراق باعتبار أنه يحل محل سلطة التحقيق([134]) إلا إن المادة (97) قصرت حق الاطلاع على الأوراق المضبوطة على سلطة التحقيق. ولما كان تعبير "الأوراق" الواردة فى المادة (97) ينصرف إلى الأوراق التى يعثر عليها أثناء تفتيش منزل المتهم بمعرفة سلطة التحقيق فإن مفاد ذلك أنه ليس لمأمور الضبط القضائى حق الاطلاع على الأوراق المغلقة أثناء تفتيشه منزل المتهم أو فى منزل غيره بناء على ندبه من سلطة التحقيق لإجراء التفتيش.
مدى جواز أن تأمر المحكمة بتفتيش مسكن المتهم ؟
استخلص بعض الفقهاء من وصف الشارع التفتيش بأنه "عمل تحقيق" أن مجاله مقتصر على مرحلة التحقيق الابتدائى فإذا دخلت الدعوى فى حوزة المحكمة فقد انقضى هذا التحقيق بما يتضمنه من إجراءات ودعموا قولهم بنص الشارع على التفتيش فى الموضع المخصص من القانون للتحقيق الابتدائى وأشاروا فى النهاية إلى أن التفتيش لا يحقق غرضه إلا إذا أجرى فى وقت قريب من لحظة ارتكاب الجريمة وفى الغالب تتراخى المحاكمة زمناً قد يطول عن هذه اللحظة فيصير التفتيش بذلك غير ذى جدوى([135]).
ولكن هذه الحجج غير حاسمة فوصف التفتيش بأنه "عمل تحقيق" لا ينبغى أن يحول بين المحكمة وبين الأمر به إذ أن إجراءات المحاكمة هى بدورها "أعمال تحقيق" وإن يكن هذا التحقيق "نهائياً" وليس الموضع الذى تخيره الشارع للنص على التفتيش محدداً فى صورة قاطعة فقد نص عليه فى الموضع الذى يغلب فيه استعماله([136]).
وبالإضافة إلى ذلك فإن هذا الرأى يناقض المبدأ الذى يخول للمحكمة أن تتخذ كل إجراء تراه ضرورياً أو ملائماً لكشف الحقيقة وهو المبدأ الذى قننه الشارع فى المادة (291) من قانون الإجراءات الجنائية حيث نصت على أن "للمحكمة أن تأمر ولو من تلقاء نفسها أثناء نظر الدعوى بتقديم أى دليل تراه لازماً لظهور الحقيقة". ذلك أنه لا يعقل أن يحظر على المحكمة طريق ميسور لتكشف الحقيقة وأن يفرض عليها الفصل فى الدعوى دون أن تستجمع عناصرها المتاحة لها خاصة وأن دور القاضى الجنائى إيجابى فعليه أن يتحرى الحقيقة بنفسه ولا يجوز له أن يقتصر على الأدلة التى قدمها له أطراف الدعوى. وغنى عن البيان أنه إذا ندبت المحكمة أحد أعضائها أو قاضياً آخر لتحقيق الدعوى فله دون شك سلطة الأمر بالتفتيش إذا قدر ضرورته أو ملائمته.
المبحث الثانى
الشروط الشكلية لتفتيش المساكن
استلزم المشرع شرطين شكليين لتفتيش المساكن هما وجوب تسبيب أمر التفتيش واستلزام حضور بعض الأشخاص التفتيش.
أولاً : تسبيب أمر التفتيش:
قد أرست المادة (44) من الدستور المصرى مبدأ عدم جواز دخول المساكن ولا تفتيشها إلا بأمر قضائى مسبب وفقاً لأحكام القانون كما نصت المادة (91/2) إجراءات على أنه وفى كل الأحوال يجب أن يكون أمر التفتيش مسبباً وهو أمر يفترض ضمناً أن يكون مسجلاً بالكتابة ضماناً للدقة والمراجعة والوضعية.
ولقد كان لمحكمة النقض بصدد هذه القاعدة موقفاً مشرفاً حين أوجبت إعمال نص الدستور الذى يقضى به حتى قبل تعديل المادة (91) من قانون الإجراءات والنص فيها عليه([137]) إلا أنها بعد ذلك أعطت للتسبيب مضموناً متواضعاً للغاية قوامه توافر المبررات القانونية لإصدار أمر التفتيش ولو لم ينص عليها صراحة لكنها لم تفهم التسبيب أبداً على أنه شمول الأمر بالتفتيش عند تحريره للمبررات التى أوجبت صدوره([138]) وقضت بأن المادة (44) من الدستور والمادة (91) إجراءات فيما استحدثاه من تسبيب الأمر بدخول المسكن أو تفتيشه لم تشترطا قدراً معيناً من التسبيب أو صورة بعينها يجب أن يكون عليها الأمر بالتفتيش كما أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش من المسائل الموضوعية التى يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع([139]). هذا ولا يستلزم القانون تسبيب الأمر القضائى بالتفتيش إلا إذا كان منصباً على تفتيش المساكن لا الأشخاص([140]).
ثانياً : اشتراط أن يحضر التفتيش أشخاص معينون:
أصبح المجال الوحيد لمأمور الضبط القضائى لتفتيش مسكن المتهم هو حالة ندبه لذلك من سلطة التحقيق بعد الحكم بعدم دستورية المادة (47) إجراءات جنائية وبالتالى فقدان مبرر إعمال المادة (51) إجراءات جنائية التى كان مجال إعمالها المادة (47) المقضى بعدم دستوريتها وبذلك أصبح لزاماً على مأمور الضبط القضائى التقيد بنص المادة (92) إجراءات فقرة أولى المتعلقة بسلطة قاضى التحقيق فى مباشرة التفتيش ونص المادة (199) إجراءات التى أحالت إلى سلطات قاضى التحقيق عند بيانها اختصاصات النيابة العامة فى التحقيق([141]). فالمادة (92) تجيز إجراء التفتيش بحضور المتهم أو من ينيبه عنه غير أن هذه المادة لا تلزم مأمور الضبط القضائى بدعوة المتهم للحضور([142]).
ومع ذلك نرى أن حق الحضور الممنوح للمتهم يلزم مأمور الضبط القضائى بدعوته للحضور متى كان ذلك ممكناً ولكن لا يشترط أن تكون هذه الدعوة قبل بدء التفتيش بوقت كبير بل يمكن أن توجه الدعوة إلى الحضور قبل البدء فى التفتيش مباشرة حتى لا يضيع عنصر المفاجأة اللازم لنجاح التفتيش. فإذا تقاعس مأمور الضبط القضائى عن دعوة المتهم للحضور دون وجود مبرر أو كان المتهم موجوداً وقت حضور مأمور الضبط القضائى لإجراء التفتيش ولكن هذا الأخير منعه من حضور التفتيش دون مبرر لذلك بطل التفتيش([143]).
جزاء مخالفة قواعد الحضور:
موقف الفقه:
ذهب بعض الفقه إلى أن مخالفة قواعد الحضور ليس من شأنها أن ترتب البطلان وإنما يؤدى عدم مراعاتها إلى التوهين من قيمة التفتيش دوت التمادى إلى حد عدم الاعتداد به كلية والدليل على ذلك أن المشرع لم يشترط حضور المتهم وإنما اكتفى بإمكان حضوره فإجراء التفتيش بمعرفة مأمور الضبط القضائى هو أمر محفوف بالمخاطر من المتهم الذى يستلزم المشرع حضوره أو حضور أهله الأمر الذى قد يمكن هؤلاء الأفراد وذويهم من الاعتداء على أفراد القوة كلما لاح لهم بصيص من نور مهما ضعف.فتطلب حضور المتهم أو نائبه أو حضور شاهدين قد يؤدى إلى عرقلة إجراءات التفتيش([144])
أما الرأى الغالب فى الفقه فيرى أن مخالفة قواعد الحضور من شأنها أن ترتب البطلان([145]) وإن اختلف فى تحديد طبيعة هذا البطلان فالبعض يرى أنه بطلان مطلق يتعلق بالنظام العام متى خولفت قواعد الحضور المتعلقة بحضور المتهم أو نائبه أما إذا تعلق الأمر بعدم مراعاة قواعد الحضور المتعلقة بالشهود فالبطلان نسبى([146]) ويرى البعض الآخر أن البطلان المترتب على مخالفة قواعد الحضور هو بطلان نسبى سواء أتعلق الأمر بعدم حضور المتهم أو عدم حضور الشاهدين([147]).
موقف محكمة النقض:
أما محكمة النقض فقد ذهبت فى بادئ الأمر إلى أن حضور المتهم إجراءات التفتيش هو إجراء جوهرى يترتب على مخالفته البطلان([148]) ثم عادت محكمة النقض لتقرر عكس ما سبق أن قضت به فلم ترتب البطلان كجزاء على مخالفة قواعد الحضور([149]) وذلك فى ظل قانون تحقيق الجنايات
وقد استمر قضاء محكمة النقض سائداً فى ظل قانون الإجراءات الجنائية الحالى فلم ترتب البطلان على عدم حضور المتهم إجراءات التفتيش([150]).
رأينا فى جزاء مخالفة قواعد الحضور:
نرى مع من يرى ذلك([151]) أن المشرع جعل من قواعد الحضور شرطاً لصحة إجراءات التفتيش ذلك أن هذا الشكل مقرر لحماية حقوق المتهم والدفاع وأن انتهاك هذا الشكل الجوهرى من شأنه أن يرتب البطلان([152]).
وعلة اعتبار هذا الشكل أمراً جوهرياً هو أن مخالفته تؤدى إلى تخلف الغاية من العمل الإجرائى المتمثلة فى إتاحة الفرصة للمتهم لمواجهته بالدليل المترتب على هذا العمل وزيادة الثقة فى نتائج هذا الإجراء وهذه الغاية لا يمكن تحققها بدون مراعاة هذا الشكل الذى أوجبه القانون ألا وهو حضور المتهم أثناء التفتيش أو حضور نائبه أو شاهدين[153]. ومن ثم نرى أن مخالفة قواعد الحضور ترتب البطلان.
المراجع
1- الإجراءات الجنائية فى التشريع المصرى – دكتور/ حسن ربيع.
2- سلطات مأمور الضبط القضائى – دراسة مقارنة – رسالة دكتوراة – دكتور/ إبراهيم حامد مرسى طنطاوى – الطبعة الأولى 1993.
3- مبادئ الإجراءات الجنائية فى القانون المصرى – دكتور/ رؤوف عبيد – الطبعة السادسة عشر سنة 1985 – دار الجيل
4- الإجراءات الجنائية– دكتور/ محمد زكى أبو عامر–دار المطبوعات الجامعية 1984
5- شرح قانون الإجراءات الجنائية – دكتور/ محمود نجيب حسنى – الطبعة الثانية 1988 – دار النهضة العربية.
6- أصول الإجراءات الجنائية– دكتور/ حسن صادق المرصفاوى–مطبعة أطلس 1977
7- قانون الإجراءات الجنائية – دكتور/ حسن صادق المرصفاوى – منشأة المعارف بالإسكندرية 1981.
8- شرح قانون الإجراءات الجنائية – دكتور/ محمود محمود مصطفى – الطبعة الخامسة 1957.
9- قانون الإجراءات الجنائية – دكتور/ مأمون محمد سلامة – دار الفكر العربى – الطبعة الأولى 1980
10- مبادئ القسم العام من التشريع العقابى – دكتور/ رؤوف عبيد – دار الفكر العربى – الطبعة الرابعة 1979.
11- الشرعية الدستورية وحقوق الإنسان فى الإجراءات الجنائية – دكتور/ أحمد فتحى سرور – دار النهضة العربية 1995.
1 يعرفه الأستاذ الدكتور/أحمد فتحى سرور بأنه "إجراء من إجراءات التحقيق التى تهدف إلى ضبط أدلة الجريمة موضوع التحقيق وكل ما يفيد فى كشف الحقيقة ،وهو ينطوى على مساس بحق المتهم فى سرية حياته الخاصة" راجع: الوسيط فى قانون الإجراءات الجنائية – دار النهضة العربية سنة 1980 – ج1 – رقم256 – ص449.
وتعرفه الأستاذة الدكتورة آمال عثمان بأنه: "وسيلة للإثبات المادى تهدف إلى اكتشاف أشياء خفية أو أشخاص هاربين من وجه العدالة فهو وسيلة لإثبات أدلة مادية وقد يكون موضوعه شخصاً أو مكاناً".راجع: شرح قانون الإجراءات الجنائية– دار النهضة العربية سنة 1975–رقم261–ص305
ويعرفه الأستاذ الدكتور توفيق الشاوى بأنه: "الاطلاع على محل له حرمة خاصة للبحث عما يفيد التحقيق. ويعتبر من أخطر إجراءات التحقيق الجنائى لأنه يجمع بين استعمال السلطة وتقييد الحرية – وهما من خصائص الإجراءات الاحتياطية كالقبض والحبس – وبين جمع الأدلة". راجع: فقه الإجراءات الجنائية – دار الكتاب العربى – الطبعة الثانية – سنة 1954 – رقم313 – ص371.
ويعرفه الأستاذ الدكتور سامى الحسينى بأنه: "إجراء من إجراءات التحقيق تقوم به سلطة حددها القانون يستهدف البحث عن الأدلة المادية لجناية أو جنحة تحقق وقوعها فى محل خاص يتمتع بالحرمة بغض النظر عن إرادة صاحبه". راجع: النظرية العامة للتفتيش – رسالة دكتوراه – جامعة القاهرة – كلية الحقوق سنة 1972 – دار النهضة العربية سنة 1972 – رقم28 – ص37.
وتعرفه الأستاذة الدكتورة فوزية عبد الستار بأنه: "إجراء من إجراءات التحقيق يهدف إلى التوصل إلى أدلة جريمة ارتكبت فعلاً وذلك بالبحث عن هذه الأدلة فى مستودع السر سواء أجرى على شخص المتهم أو فى منزله دون توقف على إرادته" راجع: شرح قانون الإجراءات الجنائية – دار النهضة العربية 1986 – رقم253 – ص278/279.
ويعرفه الأستاذ الدكتور محمود مصطفى بأنه: "إجراء تحقيق يقوم به موظف مختص للبحث عن أدلة مادية لجناية أو جنحة وذلك فى محل خاص أو لدى شخص وفق الأحكام المقررة قانوناً" راجع: الإثبات فى المواد الجنائية فى القانون المقارن – مطبعة جامعة القاهرة – الطبعة الأولى سنة1978 – ج2 – رقم107 – ص14.
2 Les perquisitions et saisies; sont; non des preuves par elles memes mais des procedes tendant a ladecouverte et au recolement d"indices. Merle et vitu; OP. Cit; edition 1979; No.957; P.177.
3 نعيم عطية: حق الأفراد فى حياتهم الخاصة – مجلة إدارة قضايا الحكومة – أكتوبر وديسمبر 1977 – ع4 – ص80.
4 Larguier (Jean et Anne Marie); La protection des droits de l"homme dans le process penal; Rev. int. Dt. Pen; 1966; P.149.
5Garcon (Emile); Code penal annote; Paris; 1956; t.3, art 381 a 386; No. 81; P. 685
6 Garraud (R); Traite theorique et pratique de droit penal francais; Paris; 1935; t. 6; No. 2440; P. 191
7 فوزية عبد الستار: شرح قانون العقوبات – القسم الخاص – دار النهضة العربية سنة 1979 – رقم 69 – ص83.
8 محمود نجيب حسنى: شرح قانون العقوبات – القسم الخاص – دار النهضة العربية سنة 1986 – رقم 1200 – ص881.
9Michal(A);et Jaspor (J.P.);Traite theorique et pratique de droit criminal; Bruxelles.1952.t1;No. 1238; P. 367
10 ويذهب الأستاذ الدكتور حسن صادق المرصفاوى إلى أن اشتراط وحدة السور أمر لا لزوم له وإنما يكفى أن تعتبر جزءاً منه. راجع مؤلفه جرائم المال – مطبعة نهضة مصر سنة 1956/1957 – رقم 143 – ص70.
11 حسن صادق المرصفاوى: جرائم المال- مطبعة نهضة مصر سنة 1956/1957–رقم 142– ص69 ، فوزية عبد الستار: المرجع السابق – رقم 71 – ص84 ، محمود نجيب حسنى: المرجع السابق – رقم 1200 ص881
12 Garraud; Droit penal; OP.Cit,t.6, No.2440; P.189–Cass. Crim;24 Juin 1987.Rev.sc. Crim; 1989; P. 133 Obs. G. Levasseur
13 نقض 16/10/1944 – مجموعة القواعد القانونية – ج6 – رقم 376 – ص507.
14 Michal et Jaspor; Op. Cit; t.1; No. 1238; P. 367
15 نقض 6/1/1969 – أحكام النقض – س20 – ق1.
16 حسن صادق المرصفاوى: أصول الإجراءات الجنائية – منشأة المعارف بالإسكندرية – ص370.
17 نقض 17/3/1953 – س4 – رقم 226 – ص619 ، وفى نفس المعنى – نقض 18 مارس 1957 – س8 – رقم 74 – ص260.
18 Garcon; OP. Cit; t.1; art 194; No. 54; P. 729
19 Vassgone (Jean); repertoire; OP. Cit; Edition 1969; t.3; vo Violation du domicile; No. 31; P.3
20 Cass. Crim; 13Nov 1841. B. No. 323
21 المرصفاوى: أصول الإجراءات الجنائية – المرجع السابق – رقم 132 – ص290 ، آمال عثمان: شرح قانون الإجراءات الجنائية – دار النهضة العربية سنة 1975 – رقم 261 – ص306 ، عمر السعيد رمضان: قانون الإجراءات الجنائية – دار النهضة العربية سنة 1985 – رقم 210 – ص236 ، عوض محمد: الوجيز فى قانون الإجراءات الجنائية – دار المطبوعات الجامعية – رقم 224 – ص252 ، فوزية عبد الستار: شرح قانون الإجراءات الجنائية – دار النهضة العربية 1986 – رقم 254 – ص280 ، قدرى الشهاوى: الموسوعة الشرطية القانونية: عالم الكتب سنة 1977 – رقم 256 – ص272 ، محمد البندارى العشرى: التفتيش القانونى .. أحكامه وآدابه – مجلة الأمن العام – يوليو 1976 – ع74 – ص45/46 ، محمد زكى أبو عامر: الإجراءات الجنائية – دار المطبوعات الجامعية سنة 1984 – رقم 98 – ص281/282 ، محمود نجيب حسنى: شرح قانون الإجراءات الجنائية – دار النهضة العربية سنة 1982 – رقم 625 – ص594.
22 نقض 31/3/1959 – أحكام النقض – س10 – رقم 87 – ص391 ، نقض 17/12/1962 – س13 – رقم 205 – ص853 ، نقض 30/10/1967 – س18 – رقم 214 – ص1047 ، نقض 11/1/1979 – س30 – رقم 8 – ص54.
23 أحمد فتحى سرور: الوسيط فى قانون الإجراءات الجنائية – دار النهضة العربية سنة 1980 – ج1 – رقم261 – ص453.
24 ومع هذا لم يتطلب المشرع المصرى هذا الشرط فى المادة 61 من قانون العقوبات راجع: عمر السعيد رمضان: الأحكام العامة فى قانون العقوبات – دار المعارف – الطبعة الرابعة سنة 1962 – ص455.
25 Sermet (Ernest); L"etat de necessiten matiere criminelle; these; toulous; 1901; Paris; 1903; No.148; P.198
26 إبراهيم زكى أخنوخ: حالة الضرورة فى قانون العقوبات – رسالة دكتوراة – جامعة القاهرة – كلية الحقوق سنة 1969 – دار النهضة العربية سنة 1969 – ص235 – هامش 2
27 سامى الحسينى: النظرية العامة للتفتيش – رسالة دكتوراه – جامعة القاهرة – كلية الحقوق سنة 1972 – دار النهضة العربية سنة 1972 – رقم 61– ص85.
28 إبراهيم زكى أخنوخ: رسالته السابقة – ص234.
29 محمد مصطفى القللى: أصول قانون تحقيق الجنايات – مكتبة ومطبعة مصطفى الحلبى وأولاده – الطبعة الثالثة – سنة 1954 – ص224.
30 محمود مصطفى: شرح قانون الإجراءات الجنائية – الطبعة الخامسة سنة 1957 – مطبعة جامعة القاهرة – رقم 168 – ص167/168.
31 جندى عبد الملك: الموسوعة الجنائية – دار الكتب المصرية – الطبعة الأولى – سنة 1932 – ج2 – ص173.
32 المرجع السابق – ص284.
33 أحمد فتحى سرور: الوسيط – المرجع السابق – ج1 – رقم 261 – ص453.
34 هلالى عبد الله أحمد: المركز القانونى للمتهم – دار النهضة العربية – الطبعة الأولى – سنة 1989 – رقم 405 – ص611 ، وفى ذلك تقول محكمة النقض "إن دخول المنازل وغيرها من الأماكن لا بقصد تفتيشها ولكن تعقباً لشخص صدر أمر بالقبض عليه وتفتيشه من الجهة صاحبة الاختصاص لا يترتب عليه بطلان القبض والتفتيش الذى يقع على ذلك الشخص" نقض 11/1/1979 – أحكام النقض – س30 – رقم 8 – ص54.
35 عادل محمد فريد قورة: شرح قانون الإجراءات الجنائية – سنة 1987 – رقم 218 مكرر – ص374 ، إبراهيم حامد مرسى طنطاوى: سلطات مأمور الضبط القضائى – دراسة مقارنة – رسالة دكتوراة - الطبعة الأولى سنة 1993 – رقم 386 – ص722.
36 شرح قانون الإجراءات الجنائية – الطبعة الثانية سنة 1988 – دار النهضة العربية – رقم 625 – ص580/581.
37 وقد قالت محكمة النقض فى ذلك "دخول المنازل – وإن كان محظوراً على رجال السلطة العامة فى غير الأحوال المبينة فى القانون وفى غير حالة طلب المساعدة من الداخل وحالتى الغرق والحريق – إلا أن هذه الأحوال الأخيرة لم ترد على سبيل الحصر فى المادة (45) من قانون الإجراءات الجنائية بل أضاف النص إليها ما شابهها من الأحوال التى يكون أساسها قيام حالة الضرورة ومن بينها تعقب
الخميس 4 مارس 2021 - 1:37 من طرف ahmedsdream
» تحميل ابحاث قانونية متنوعة
الأربعاء 30 يناير 2019 - 4:28 من طرف جميل0
» حمل موسوعة أحكام المحكمة الإدارية العُليا حصريا
الأربعاء 30 يناير 2019 - 4:24 من طرف جميل0
» موسوعة فتاوى الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بمجلس الدولة .. الجزء الاول
الجمعة 11 يناير 2019 - 8:11 من طرف jvmj12
» البرنامج التدريبي نوفمبر – ديسمبر 2017
الإثنين 23 أكتوبر 2017 - 19:22 من طرف يوسف بختان
» حمل كتاب الشرح الوافى العملى لدعوى رصيد الاجازات
الجمعة 13 يناير 2017 - 1:17 من طرف leaderman
» الوجيز فى القانون الادارى
الخميس 15 ديسمبر 2016 - 15:31 من طرف احمد العزب حجر
» كاميرات مراقبة
الأربعاء 10 أغسطس 2016 - 18:12 من طرف كاميرات مراقبة
» افضل اسعار كاميرات مراقبة فى مصر
الأربعاء 10 أغسطس 2016 - 18:10 من طرف كاميرات مراقبة