بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة البحث
حمدا لله وثناءا عليه وصلاة
وسلاما على سيدنا محمد النبى الأمى وعلى آله وصحبه وسلم.
أما بعد
فموضوع
بحثنا هو اللوائح التفويضية بين القرار الأدارى و قوة القانون .ولعل ما
دعانى لكتابة البحث فى هذا الموضوع هو ما يختلط به الأمر فيما بين حقيقة
هذه القرارات بقوانين – أو المراسيم بقوانين- أو كما أطلق عليها المراسيم
التنظيمية (1) والقانون.
فأطلق عليها العديد من المسميات التى تحمل نفس
المعنى ونفس المضمون والشروط الخاصة بها ففى مصر وأمريكا بإسم اللوائح
التفويضية وفى فرنسا عرفت بإسم المراسيم التنظيمية أو المراسيم بقوانين ثم
عرفت فى ظل دستورها الحالى 1958 بإسم الأوامر وجميع هذه المصطلحات فى مختلف
الدساتير واحدة فهى تفويض من البرلمان للسلطة التنفيذية ممثلة فى رئيس
الجمهورية أو رئيس الدولة أو الحكومة فى ممارسة إختصاصاته التشريعية وخاصة
التى لا تحمل التأخير أو بطء سير العملية التشريغية داخل البرلمان فى ظل
ظروف إستئنافية معينة ووجود البرلمان .
(1) د. عبد العظيم عبد السلام. الدور التشريعى لرئيس الدولة فى النظام
المختلط .دراسة مقارنة. صــ82 وما بعدها
ونظرا لغزارة ما ورد
فى هذا الموضوع فى العديد من الدساتير المعاصرة فإننا نقصر الدراسة والبحث
فيه على اللوائح التفويضية فى ظل الدستور المصرى فى نص المادة 108 من
الدستور المصرى الحالى الصادر لعام 1971 ولعله ما يستدعى القول قبل البدء
فى موضوع البحث إستجلاء أسباب ظهورها فى
كلمات بسيطة على الرغم من أن
هذا النوع من التشريع يمتزج فيه مبدأ الفصل بين السلطات الثلاثة فى الدولة
فهى فى حقيقتها أعمال تصدر عن السلطة التنفيذية تأخذ قوة القوانين ويترتب
عليها بعد صدورها بطريقتها الصحيحة كون ما لها من آثار القوانين من حيث
تطبيقها وطرق الطعن عليها
فووفقا لما هو مستقر عليه فى دساتير العالم
المختلفة أن السلطات الثلاثة فى الدولة لكل سلطة أن تقوم بما هو موكل اليها
من أعمال فى ظل الدستور القائم والذى أعطاها صلاحيتها.
فلا يجوز للسلطة
التشريعية أن تتدخل فى أعمال السلطة التنفيذية ولا للأخير وأن تقوم بعمل
الأولى ولا حتى السلطة القضائية وهى تقوم بتطبيق القانون فى أحكامها أن
تعدل عملا قد قامت بإخراجه السلطة التنفيذية كأن تعدل قرار إدارى على سبيل
المثال تم الطعن عليه بالإلغاء- وإنما لها أن تقضى بإلغاءه لتوافر شرط من
شروط عدم مشروعيته أو تجاوز السلطة أو أى سبب أخر من أسباب اللإغاء دون
أن تقوم بتعديله.
ولكن ولما كانت عليه الدول من صراعات عرقية وتطلعات فى
الثروات والإستعمار وفرض النفوذ مما أدى الى إندلاع الحروب بين الدول
العالم شتى وإنقسامه الى تحالفات دوليه فى ظل الحربين الأولى والثانية .
هذا الأمر الذى فرض على الدول سرعة إصدار القوانين وإتخاذ إجراءات معينة فى
إصدار هذه القوانين تمر به من بطء فى العملية التشريعية البرلمانية.
وأيضا
أدى ذلك الى إتساع (1)نشاط الدولة المعاصرة وتدخلها فى العديد من أنشطة
حياة الأفراد المختلفة وتعقد المشاكل التى تواجهها الدولة وإكتسابها طابعا
فنيا متزايدا نتيجة التطور العلمى المتزايد الذى شهده العالم بأجمعية فى
الحقيقة الأخيرة من الزمن .ونظرا لهذا وذاك من إزدياد فى السرعة الحياتيه
السياسية والإجتماعية ما أستدعى لظهور هذه القوانين ذات الطبيعة المختلفة
الخاصة .فهى فى رأينا الخاص ليست أعمال إدارية تخرج عن السلطة التنفيذية
كالقرارات أو أعمال الإدارة المعهود العمل بها وليست أعمال تشريعية خالصة
تمر بنفس المراحل التى تمر بها أى قانون يتم مناقشته فى البرلمان ثم يصدر
بعد ذلك وإنما هى ذات طبيعة خاصة . وهذا سيتم توضيخه فى بحثنا هذا ونظرا
لأننا نقصر بحثنا على اللوائح التفويضية فى جمهورية مصر العربية الأمر الذى
يأخذنا وقبل البدء فى موضوع البحث أن توضيح بداية ظهور هذا النوع من
القانون فى مصر و التدرج التاريخى لها .
فبداية
ما ظهور اللوائح التعويضية فى مصر فى العهد الملكى فى ظل دستور 1923(2)إلا
انها ظهرت فى صورة قانون الاحكام العرفيةرقم 5 السنة 1923 الذى جاء فيه
تطبيقا حرفيا لعمليه التفويض التشريعى وفقا لهذا القانون المذكور تعلن
الحكومة الاحكام العرفيه عندما تمر البلاد بظروف غير عاديه او تجتاحها
لحظات حرجه اما ما دون ذلك فلا يعتبر تفويض بالمعنى الصحيح ولذلك فقد
تبيانت الاراء فى مشروعيه قوانين التفويض فيها .
(1) د. عبد العظيم عبد السلام . الدور التشريعى لرئيس الدولة فى النظام
المختلط دراسة مقارنة ًصـــ 89 وما بعدها
(2) د. أشرف اللمساوى . أثر
الظروف الإستثنائية وحالة الضرورة مبدأ الإستثنائية على مبدأ الشروعية فى
التشريعات الدولية المختلفة بالطبعة الأولى 2007
وكان هذا التفويض فى ظل
القانون 15 لسنه 1923 وذلك لخلو دستور 1923 على حق البرلمان فى تفويض
الحكومه فى اصدار مراسيم لها قوة القوانين .
وقد تماشا ايضا على نهج
دستور 1923 دستور 1930 فى خلوه من النص على تفويض الحكومه اصدار اوامر لها
قوة القانون .
الى ان جاء النص على هذا النوع من القوانين فى دستور عام
1956 حيث جاء النص عليها بالمادة 136 منه كالتالى(لرائيس الجمهوريه وفى
الاحوال الاستثنائيه بناء على تفويض مجلس الأمه ان يصدر قرارات لها قوة
القانون ويجب أن يكون لمدة محدده وأن يعين موضعات هذه القرارات والأسس التى
يقوم عليها)وبهذا النص الصريح قد ولد أول وجود حقيقى للوائح التفويضية فى
مصر .
الى أن ظهر دستور 1958 الذى لم يرد فيه النص على أن يجيز للسلطة
التشريعية تفويض السلطة التنفيذية فى إصدار قوانين أو معالجة بعض المسائل
المتروكة لهم , وهذا الترك عن النص لهذا النوع من القوانين يعطى لأول
الوهلة الشعور بإلغاءها وإنما فى واقع الحال هو عكس ذلك حيث تم إعتبار
التفويض قضية مسلم بها ولا يوجد ما يدعى النص عليها والذى يؤيد ذلك أن هذا
الدستور لم يأتى بعد سقوط الدستور الذى سبقه والذى نص على التفويض التشريعى
.
الى أن جاء النص على اللوائح التفويضية سراحة ومرة أخرى فى ظل
الدستور الصادر عام 1964 فى المادة 120 منه وهى بمثابة نقل حرفى لما ورد
بالمادة 136 من الدستور الصادر عام 1956 .
وظهر بعد ذلك دستور 1971 وهو
الدستور الحالى للبلاد والذى جاء النص فيه بصورة أوضح وتدقيق أكثر مع وضع
الضوابط والشروط والقيود الواردة على قوانين التفويض وذلك فى المادة 108
منه والتى نصت على الآتى
( لرئيس الجمهورية عند الضرورة وفى الأحوال
الإستثنائية وبناء على تفويض من مجلس الشعب بأغلبية ثلثى أعضاءه أن يصدر
قرارات لها قوة القانون ويجب أن يكون هذا التفويض لمدة محدودة ويبين فيه
موضوعات هذه القرارات والأسس التى يقوم عليها ويجب عرض هذه القرارات على
مجلس الشعب فى أول جلسة بعد إنتهاء مدة التفويض فإذا لم تعرض أو عرضت ولم
يوافق عليها المجلس زال ما كان لها من قوة القانون ) .
وبهذا التدرج
التاريخى الذى يحمل تطورا تاريخى أيضا لظهور اللوائح التفويضية فى مصر
بداية من العهد الملكى حتى العهد الجمهورى فى ظل الدستور الحالى الصادر
1971 نكون عرضنا بإجاز ظهور اللوائح التفويضية فى مصر وقد أوضحنا قبلها
أسباب ظهورها فى دساتير العالم المختلفة.
الأمر الذى ينبغى علينا به بعد
ذلك ونحن بصدد هذا النوع من القوانين أو القرارات بقوانين معرفة وتوضيح
تحت أى نوع تندرج اللوائح التفويضية من أعمال السلطة التنفيذية ؟
نجيب
أنها ضمن الأعمال المشرعة للسلطة التنفيذية والتى تعتبر قرارات بقوانين
مثلها فى ذلك كباقى الأعمال المشرعة الخمسة التى ينبغى التفرقة فيما بينها
والقرارات الإدارية التى تختلف عنها فى العديد من النواحى بإختلاف طبيعة ما
يتناوله كلا منهما وإن كانا يتحدان فى أن بدايتهما تصدر عن السلطة
التنفيذية أو الجهاز الإدارى فى الدولة .وهديا بما تقدم سيكون بحثنا فى
فصول ثلاثة متناولين فى الفصل الأول اللوائح الإدارية وعلاقتها بالقانون
والفصل الثانى اللوائح التفويضية ثم ننهى البحث بالفصل الثالث بالرقابة على
اللوائح التفويضية .
الفصل الأول
اللائحة الإدارية وعلاقتها بالقانون
ونتناول في
ذلك الفصل تعريف اللائحة الإدارية وأنواعها ثم الفرق بين اللائحة
والقانون ثم قوة اللائحة وقوة القانون فى مباحث ثلاثة بادئين بتعريف
اللائحة الإدارية وأنواعها .
المبحث الأول
تعريف اللائحة الإدارية
وأنواعها
إن الجهة الإدارية وأثناء مباشرتها لمهامها وأعمالها الإدارية
وهى فى شأن ذلك قد ابتدعت العديد من الأعمال فمنها القرارات الإدارية ,
اللوائح الإدارية ثم التدابير الداخلية للمرفق إلى غير ذلك من الأعمال
المشرعة.
ومن ضمن ما يندرج تحت ما يسمى بالإعمال المشرعة ما يعرف باسم
اللوائح كما تسمى أيضا بالقرارات التنظيمية .
ولقد تعددت أراء الفقهاء
حول مفهوم اللوائح الإدارية فالبعض أطلق عليها اصطلاح القرارات التنظيمية
والأخر أطلق عليها الأوامر التنظيمية بيد أنه فى واقع الأمر لا يوجد اختلاف
بين هذين الاصطلاحين فالأمر الإداري هو ذاته القرار الإداري .
ولقد
أجمع الفقه المصري على أن اللوائح الإدارية هى قرارات إدارية تحتوى على
قواعد عامة مجردة وملزمة تنطبق على عدد غير معين من الحالات أو الأفراد .
فاللوائح
:ـ هى القرارات التى تتضمن قواعد عامة مجردة وتنظيم مراكز قانونية عامة
للإفراد إما بأنشاء هذه المراكز القانونية أو تعديلها أو إلغائها ,
وبمعنى أخر هى القرارات التى تصدر لكى تطبق على عدد غير معين وغير محدد من
الأشخاص( 1) .
والقواعد التنظيمية أو اللوائح تصدر متضمنة قواعد عامة
مجردة ولذا فهى لا تخاطب أشخاص بذواتهم أو شخصا بذاته وإنما تطبق على كل
شخص أو الأشخاص الذين فى المراكز القانونية التى توافرت فيها الشروط
القانونية للقاعدة(2).
إذا ً فاللوائح الإدارية لابد وأن تصدر عن سلطة
إدارية فى حدود ما خول اليها من إختصاصات فهى من حيث الشكل أعمال إدارية
ومن حيث الموضوع فيه أعمال تشريعية , ولتحديد طبيعتها القانونيه لا ينظر
اليها من ناحية الشكل فقط – المعيار الشكلى- أو ناحية الموضوع فقط –
المعيار الموضوعى- وإنما لابد من تطبيق ودمج المعيارين معا .
وبصرا بما
تقدم يتضح أن اللائحة الإدارية تتسم بالعديد من الخصائص والسمات وتقوم أيضا
على العديد من العناصر
(1) الوسيط فى القانون الإدارى د. إبراهيم محمد على
(2) الوسيط فى
القانون الإدارى د. إبراهيم محمد على
الخصائص المميزة للائحة
الإدارية (1)
1) اللوائح الإدارية تتضمن دائما قواعد عامة تتصف بالعموم
ولذا فهى تطبق على أشخاص غير معينين بذواتهم ولا يغير من طبيعة صفة
العمومية فى اللائحة إمكان تحديد المخاطب بها وقت صدورها ومثال ذلك أن تصدر
اللائحة بتنظيم المركز القانونى لوظيقة معينة كوظيفة وكيل وزارة فى إحدى
الوزارات ,فيعتبر هذا القرار قرارا لائحيا أو تنظيميا ما دام أنه أنصب على
منصب وكيل وزارة وليس على شخص معين بذاته .
2) اللوائح الإدارية تتضمن
قواعد مجردة : وهذا يعنى أن القرار التنظيمى لا يتعلق بحالة واحدة أو واقعة
واحدة وينتهى تطبيقه بل يصلح للتطبيق على جميع الحالات المماثلة التى يمكن
؟أن تقع بحيث لا يستنفذ القرار الإدارى بتطبيقه على حالة معينة أو شخص
معين وإنما يبقى ساريا لتنظيم الحالات المستجده التى تقع فى المستقبل.
3)
أن اللوائح الإدارية تصدر عن السلطة الإدارية ولذا فهى تشكل نوعا من
القرارات الإدارية : واللوائح يمكن أن تصدر عن رئيس الجمهورية أو رئيس
مجلس الوزراء أو الوزير فى نطاق وزارته والمحافظون فى نطاق محافظتهم ورؤساء
المصالح والهيئات فى حدود مصالحهم وهيئاتهم .
منقول ويتبع بثانيا
مقدمة البحث
حمدا لله وثناءا عليه وصلاة
وسلاما على سيدنا محمد النبى الأمى وعلى آله وصحبه وسلم.
أما بعد
فموضوع
بحثنا هو اللوائح التفويضية بين القرار الأدارى و قوة القانون .ولعل ما
دعانى لكتابة البحث فى هذا الموضوع هو ما يختلط به الأمر فيما بين حقيقة
هذه القرارات بقوانين – أو المراسيم بقوانين- أو كما أطلق عليها المراسيم
التنظيمية (1) والقانون.
فأطلق عليها العديد من المسميات التى تحمل نفس
المعنى ونفس المضمون والشروط الخاصة بها ففى مصر وأمريكا بإسم اللوائح
التفويضية وفى فرنسا عرفت بإسم المراسيم التنظيمية أو المراسيم بقوانين ثم
عرفت فى ظل دستورها الحالى 1958 بإسم الأوامر وجميع هذه المصطلحات فى مختلف
الدساتير واحدة فهى تفويض من البرلمان للسلطة التنفيذية ممثلة فى رئيس
الجمهورية أو رئيس الدولة أو الحكومة فى ممارسة إختصاصاته التشريعية وخاصة
التى لا تحمل التأخير أو بطء سير العملية التشريغية داخل البرلمان فى ظل
ظروف إستئنافية معينة ووجود البرلمان .
(1) د. عبد العظيم عبد السلام. الدور التشريعى لرئيس الدولة فى النظام
المختلط .دراسة مقارنة. صــ82 وما بعدها
ونظرا لغزارة ما ورد
فى هذا الموضوع فى العديد من الدساتير المعاصرة فإننا نقصر الدراسة والبحث
فيه على اللوائح التفويضية فى ظل الدستور المصرى فى نص المادة 108 من
الدستور المصرى الحالى الصادر لعام 1971 ولعله ما يستدعى القول قبل البدء
فى موضوع البحث إستجلاء أسباب ظهورها فى
كلمات بسيطة على الرغم من أن
هذا النوع من التشريع يمتزج فيه مبدأ الفصل بين السلطات الثلاثة فى الدولة
فهى فى حقيقتها أعمال تصدر عن السلطة التنفيذية تأخذ قوة القوانين ويترتب
عليها بعد صدورها بطريقتها الصحيحة كون ما لها من آثار القوانين من حيث
تطبيقها وطرق الطعن عليها
فووفقا لما هو مستقر عليه فى دساتير العالم
المختلفة أن السلطات الثلاثة فى الدولة لكل سلطة أن تقوم بما هو موكل اليها
من أعمال فى ظل الدستور القائم والذى أعطاها صلاحيتها.
فلا يجوز للسلطة
التشريعية أن تتدخل فى أعمال السلطة التنفيذية ولا للأخير وأن تقوم بعمل
الأولى ولا حتى السلطة القضائية وهى تقوم بتطبيق القانون فى أحكامها أن
تعدل عملا قد قامت بإخراجه السلطة التنفيذية كأن تعدل قرار إدارى على سبيل
المثال تم الطعن عليه بالإلغاء- وإنما لها أن تقضى بإلغاءه لتوافر شرط من
شروط عدم مشروعيته أو تجاوز السلطة أو أى سبب أخر من أسباب اللإغاء دون
أن تقوم بتعديله.
ولكن ولما كانت عليه الدول من صراعات عرقية وتطلعات فى
الثروات والإستعمار وفرض النفوذ مما أدى الى إندلاع الحروب بين الدول
العالم شتى وإنقسامه الى تحالفات دوليه فى ظل الحربين الأولى والثانية .
هذا الأمر الذى فرض على الدول سرعة إصدار القوانين وإتخاذ إجراءات معينة فى
إصدار هذه القوانين تمر به من بطء فى العملية التشريعية البرلمانية.
وأيضا
أدى ذلك الى إتساع (1)نشاط الدولة المعاصرة وتدخلها فى العديد من أنشطة
حياة الأفراد المختلفة وتعقد المشاكل التى تواجهها الدولة وإكتسابها طابعا
فنيا متزايدا نتيجة التطور العلمى المتزايد الذى شهده العالم بأجمعية فى
الحقيقة الأخيرة من الزمن .ونظرا لهذا وذاك من إزدياد فى السرعة الحياتيه
السياسية والإجتماعية ما أستدعى لظهور هذه القوانين ذات الطبيعة المختلفة
الخاصة .فهى فى رأينا الخاص ليست أعمال إدارية تخرج عن السلطة التنفيذية
كالقرارات أو أعمال الإدارة المعهود العمل بها وليست أعمال تشريعية خالصة
تمر بنفس المراحل التى تمر بها أى قانون يتم مناقشته فى البرلمان ثم يصدر
بعد ذلك وإنما هى ذات طبيعة خاصة . وهذا سيتم توضيخه فى بحثنا هذا ونظرا
لأننا نقصر بحثنا على اللوائح التفويضية فى جمهورية مصر العربية الأمر الذى
يأخذنا وقبل البدء فى موضوع البحث أن توضيح بداية ظهور هذا النوع من
القانون فى مصر و التدرج التاريخى لها .
فبداية
ما ظهور اللوائح التعويضية فى مصر فى العهد الملكى فى ظل دستور 1923(2)إلا
انها ظهرت فى صورة قانون الاحكام العرفيةرقم 5 السنة 1923 الذى جاء فيه
تطبيقا حرفيا لعمليه التفويض التشريعى وفقا لهذا القانون المذكور تعلن
الحكومة الاحكام العرفيه عندما تمر البلاد بظروف غير عاديه او تجتاحها
لحظات حرجه اما ما دون ذلك فلا يعتبر تفويض بالمعنى الصحيح ولذلك فقد
تبيانت الاراء فى مشروعيه قوانين التفويض فيها .
(1) د. عبد العظيم عبد السلام . الدور التشريعى لرئيس الدولة فى النظام
المختلط دراسة مقارنة ًصـــ 89 وما بعدها
(2) د. أشرف اللمساوى . أثر
الظروف الإستثنائية وحالة الضرورة مبدأ الإستثنائية على مبدأ الشروعية فى
التشريعات الدولية المختلفة بالطبعة الأولى 2007
وكان هذا التفويض فى ظل
القانون 15 لسنه 1923 وذلك لخلو دستور 1923 على حق البرلمان فى تفويض
الحكومه فى اصدار مراسيم لها قوة القوانين .
وقد تماشا ايضا على نهج
دستور 1923 دستور 1930 فى خلوه من النص على تفويض الحكومه اصدار اوامر لها
قوة القانون .
الى ان جاء النص على هذا النوع من القوانين فى دستور عام
1956 حيث جاء النص عليها بالمادة 136 منه كالتالى(لرائيس الجمهوريه وفى
الاحوال الاستثنائيه بناء على تفويض مجلس الأمه ان يصدر قرارات لها قوة
القانون ويجب أن يكون لمدة محدده وأن يعين موضعات هذه القرارات والأسس التى
يقوم عليها)وبهذا النص الصريح قد ولد أول وجود حقيقى للوائح التفويضية فى
مصر .
الى أن ظهر دستور 1958 الذى لم يرد فيه النص على أن يجيز للسلطة
التشريعية تفويض السلطة التنفيذية فى إصدار قوانين أو معالجة بعض المسائل
المتروكة لهم , وهذا الترك عن النص لهذا النوع من القوانين يعطى لأول
الوهلة الشعور بإلغاءها وإنما فى واقع الحال هو عكس ذلك حيث تم إعتبار
التفويض قضية مسلم بها ولا يوجد ما يدعى النص عليها والذى يؤيد ذلك أن هذا
الدستور لم يأتى بعد سقوط الدستور الذى سبقه والذى نص على التفويض التشريعى
.
الى أن جاء النص على اللوائح التفويضية سراحة ومرة أخرى فى ظل
الدستور الصادر عام 1964 فى المادة 120 منه وهى بمثابة نقل حرفى لما ورد
بالمادة 136 من الدستور الصادر عام 1956 .
وظهر بعد ذلك دستور 1971 وهو
الدستور الحالى للبلاد والذى جاء النص فيه بصورة أوضح وتدقيق أكثر مع وضع
الضوابط والشروط والقيود الواردة على قوانين التفويض وذلك فى المادة 108
منه والتى نصت على الآتى
( لرئيس الجمهورية عند الضرورة وفى الأحوال
الإستثنائية وبناء على تفويض من مجلس الشعب بأغلبية ثلثى أعضاءه أن يصدر
قرارات لها قوة القانون ويجب أن يكون هذا التفويض لمدة محدودة ويبين فيه
موضوعات هذه القرارات والأسس التى يقوم عليها ويجب عرض هذه القرارات على
مجلس الشعب فى أول جلسة بعد إنتهاء مدة التفويض فإذا لم تعرض أو عرضت ولم
يوافق عليها المجلس زال ما كان لها من قوة القانون ) .
وبهذا التدرج
التاريخى الذى يحمل تطورا تاريخى أيضا لظهور اللوائح التفويضية فى مصر
بداية من العهد الملكى حتى العهد الجمهورى فى ظل الدستور الحالى الصادر
1971 نكون عرضنا بإجاز ظهور اللوائح التفويضية فى مصر وقد أوضحنا قبلها
أسباب ظهورها فى دساتير العالم المختلفة.
الأمر الذى ينبغى علينا به بعد
ذلك ونحن بصدد هذا النوع من القوانين أو القرارات بقوانين معرفة وتوضيح
تحت أى نوع تندرج اللوائح التفويضية من أعمال السلطة التنفيذية ؟
نجيب
أنها ضمن الأعمال المشرعة للسلطة التنفيذية والتى تعتبر قرارات بقوانين
مثلها فى ذلك كباقى الأعمال المشرعة الخمسة التى ينبغى التفرقة فيما بينها
والقرارات الإدارية التى تختلف عنها فى العديد من النواحى بإختلاف طبيعة ما
يتناوله كلا منهما وإن كانا يتحدان فى أن بدايتهما تصدر عن السلطة
التنفيذية أو الجهاز الإدارى فى الدولة .وهديا بما تقدم سيكون بحثنا فى
فصول ثلاثة متناولين فى الفصل الأول اللوائح الإدارية وعلاقتها بالقانون
والفصل الثانى اللوائح التفويضية ثم ننهى البحث بالفصل الثالث بالرقابة على
اللوائح التفويضية .
الفصل الأول
اللائحة الإدارية وعلاقتها بالقانون
ونتناول في
ذلك الفصل تعريف اللائحة الإدارية وأنواعها ثم الفرق بين اللائحة
والقانون ثم قوة اللائحة وقوة القانون فى مباحث ثلاثة بادئين بتعريف
اللائحة الإدارية وأنواعها .
المبحث الأول
تعريف اللائحة الإدارية
وأنواعها
إن الجهة الإدارية وأثناء مباشرتها لمهامها وأعمالها الإدارية
وهى فى شأن ذلك قد ابتدعت العديد من الأعمال فمنها القرارات الإدارية ,
اللوائح الإدارية ثم التدابير الداخلية للمرفق إلى غير ذلك من الأعمال
المشرعة.
ومن ضمن ما يندرج تحت ما يسمى بالإعمال المشرعة ما يعرف باسم
اللوائح كما تسمى أيضا بالقرارات التنظيمية .
ولقد تعددت أراء الفقهاء
حول مفهوم اللوائح الإدارية فالبعض أطلق عليها اصطلاح القرارات التنظيمية
والأخر أطلق عليها الأوامر التنظيمية بيد أنه فى واقع الأمر لا يوجد اختلاف
بين هذين الاصطلاحين فالأمر الإداري هو ذاته القرار الإداري .
ولقد
أجمع الفقه المصري على أن اللوائح الإدارية هى قرارات إدارية تحتوى على
قواعد عامة مجردة وملزمة تنطبق على عدد غير معين من الحالات أو الأفراد .
فاللوائح
:ـ هى القرارات التى تتضمن قواعد عامة مجردة وتنظيم مراكز قانونية عامة
للإفراد إما بأنشاء هذه المراكز القانونية أو تعديلها أو إلغائها ,
وبمعنى أخر هى القرارات التى تصدر لكى تطبق على عدد غير معين وغير محدد من
الأشخاص( 1) .
والقواعد التنظيمية أو اللوائح تصدر متضمنة قواعد عامة
مجردة ولذا فهى لا تخاطب أشخاص بذواتهم أو شخصا بذاته وإنما تطبق على كل
شخص أو الأشخاص الذين فى المراكز القانونية التى توافرت فيها الشروط
القانونية للقاعدة(2).
إذا ً فاللوائح الإدارية لابد وأن تصدر عن سلطة
إدارية فى حدود ما خول اليها من إختصاصات فهى من حيث الشكل أعمال إدارية
ومن حيث الموضوع فيه أعمال تشريعية , ولتحديد طبيعتها القانونيه لا ينظر
اليها من ناحية الشكل فقط – المعيار الشكلى- أو ناحية الموضوع فقط –
المعيار الموضوعى- وإنما لابد من تطبيق ودمج المعيارين معا .
وبصرا بما
تقدم يتضح أن اللائحة الإدارية تتسم بالعديد من الخصائص والسمات وتقوم أيضا
على العديد من العناصر
(1) الوسيط فى القانون الإدارى د. إبراهيم محمد على
(2) الوسيط فى
القانون الإدارى د. إبراهيم محمد على
الخصائص المميزة للائحة
الإدارية (1)
1) اللوائح الإدارية تتضمن دائما قواعد عامة تتصف بالعموم
ولذا فهى تطبق على أشخاص غير معينين بذواتهم ولا يغير من طبيعة صفة
العمومية فى اللائحة إمكان تحديد المخاطب بها وقت صدورها ومثال ذلك أن تصدر
اللائحة بتنظيم المركز القانونى لوظيقة معينة كوظيفة وكيل وزارة فى إحدى
الوزارات ,فيعتبر هذا القرار قرارا لائحيا أو تنظيميا ما دام أنه أنصب على
منصب وكيل وزارة وليس على شخص معين بذاته .
2) اللوائح الإدارية تتضمن
قواعد مجردة : وهذا يعنى أن القرار التنظيمى لا يتعلق بحالة واحدة أو واقعة
واحدة وينتهى تطبيقه بل يصلح للتطبيق على جميع الحالات المماثلة التى يمكن
؟أن تقع بحيث لا يستنفذ القرار الإدارى بتطبيقه على حالة معينة أو شخص
معين وإنما يبقى ساريا لتنظيم الحالات المستجده التى تقع فى المستقبل.
3)
أن اللوائح الإدارية تصدر عن السلطة الإدارية ولذا فهى تشكل نوعا من
القرارات الإدارية : واللوائح يمكن أن تصدر عن رئيس الجمهورية أو رئيس
مجلس الوزراء أو الوزير فى نطاق وزارته والمحافظون فى نطاق محافظتهم ورؤساء
المصالح والهيئات فى حدود مصالحهم وهيئاتهم .
منقول ويتبع بثانيا
الخميس 4 مارس 2021 - 1:37 من طرف ahmedsdream
» تحميل ابحاث قانونية متنوعة
الأربعاء 30 يناير 2019 - 4:28 من طرف جميل0
» حمل موسوعة أحكام المحكمة الإدارية العُليا حصريا
الأربعاء 30 يناير 2019 - 4:24 من طرف جميل0
» موسوعة فتاوى الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بمجلس الدولة .. الجزء الاول
الجمعة 11 يناير 2019 - 8:11 من طرف jvmj12
» البرنامج التدريبي نوفمبر – ديسمبر 2017
الإثنين 23 أكتوبر 2017 - 19:22 من طرف يوسف بختان
» حمل كتاب الشرح الوافى العملى لدعوى رصيد الاجازات
الجمعة 13 يناير 2017 - 1:17 من طرف leaderman
» الوجيز فى القانون الادارى
الخميس 15 ديسمبر 2016 - 15:31 من طرف احمد العزب حجر
» كاميرات مراقبة
الأربعاء 10 أغسطس 2016 - 18:12 من طرف كاميرات مراقبة
» افضل اسعار كاميرات مراقبة فى مصر
الأربعاء 10 أغسطس 2016 - 18:10 من طرف كاميرات مراقبة